موسكو – (رياليست عربي): تشهد الأزمة الأوكرانية تصعيداً متواصلاً يطرح تساؤلات حول إمكانية عقد جولة مفاوضات جديدة بين موسكو والسلطات الأوكرانية.
وبعد أشهر من الجمود الدبلوماسي، تبدو احتمالات استئناف الحوار مرهونة بتغييرات جذرية في موقف كييف ووقف الدعم الغربي لها، وفق تصريحات روسية حديثة، تؤكد المصادر الروسية أن أي مفاوضات مستقبلية يجب أن تراعي الحقائق الجديدة على الأرض، خاصة بعد انضمام أربع مناطق أوكرانية إلى روسيا، مع اتهام موسكو للغرب باستمرار تقويض فرص السلام عبر تزويد أوكرانيا بالأسلحة.
تواجه أي محاولات للتفاوض عقبات كبرى، أولها الموقف الأوكراني المتشدد الذي يرفض أي حوار دون شروط مسبقة تشمل انسحاب القوات الروسية إلى حدود ما قبل فبراير 2022، يضاف إلى ذلك الدعم الغربي غير المحدود الذي يتجلى في استمرار تدفق الأسلحة المتطورة إلى كييف، مما يعزز قدراتها العسكرية ويقلل حافزها للتفاوض، كما تشكل التحولات الجيوسياسية، خاصة توسع الناتو شرقاً وزيادة العقوبات على روسيا، عائقاً إضافياً أمام أي اتفاق دون ضمانات أمنية متبادلة.
رغم هذه التحديات، تبرز أصوات تدعو لإحياء المسار التفاوضي، مستندة إلى المحادثات السابقة في إسطنبول ومينسك التي كادت تنجح لولا العوامل الخارجية، تشير تقارير إلى احتمال عودة بعض الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا للضغط من أجل هدنة مع تفاقم الأعباء الاقتصادية لأزمة الطاقة، لكن خبراء يشككون في جدوى أي مفاوضات جديدة في ظل الاستقطاب الحالي، حيث يبدو أن كلا الطرفين يعوّلان على الخيار العسكري لحسم الصراع، على الأقل في المدى المنظور.
يلعب العامل الدولي دوراً محورياً في هذه المعادلة، حيث تبرز جهود محتملة من الصين وتركيا، لكن تأثيرها يبقى محدوداً في ظل الهيمنة الأمريكية على القرار الأوكراني. قد تغير التطورات الميدانية، مثل أي انتصار عسكري حاسم لأي من الطرفين، من موازين القوى وتدفع نحو العودة لطاولة المفاوضات.
في المحصلة، تبدو احتمالات عقد جولة مفاوضات جديدة بين روسيا وأوكرانيا مرهونة بتوازن القوى العسكري والمتغيرات الجيوسياسية العالمية، فطالما استمر الدعم الغربي لكييف وتمسكها بشروطها، واصرار موسكو على مطالبها الأمنية، سيظل الحل الدبلوماسي بعيد المنال. لكن مع تصاعد التكاليف البشرية والاقتصادية للصراع، قد يفرض الواقع نفسه في النهاية، مجبراً جميع الأطراف على العودة إلى مسار الدبلوماسية.