موسكو – (رياليست عربي): شهدت الجولة الثانية من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا تطورات مهمة في مسار الأزمة بين البلدين، حيث حاول الطرفان تقريب وجهات النظر حول القضايا العالقة، خاصة فيما يتعلق بالممرات الإنسانية ووقف إطلاق النار، لكن دون تحقيق اختراق حاسم.
هذه المفاوضات تأتي في ظل تصاعد العمليات العسكرية وتزايد الضغوط الدولية لإنهاء الصراع الذي يشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي والعالمي.
وقد اتفق الجانبان خلال الجولة الثانية على فتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين من المناطق الأكثر تضررًا، وهو ما يمثل خطوة إيجابية لتخفيف المعاناة الإنسانية التي تفاقمت بسبب القصف والاشتباكات.
ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه الاتفاقية واجه تحديات بسبب اتهامات متبادلة بانتهاك الهدوء، حيث أشارت تقارير إلى استمرار الاشتباكات في بعض المناطق رغم الاتفاق المبدئي. كما أن قضية تبادل الأسرى وإعادة الجثث بقيت من النقاط الخلافية التي تحتاج إلى مزيد من التفاوض.
أما فيما يخص وقف إطلاق النار الشامل، فقد فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق واضح، حيث تمسكت أوكرانيا بشرط انسحاب القوات الروسية كشرط مسبق لأي هدنة دائمة، بينما أصرت روسيا على ضرورة أن تعلن أوكرانيا حيادها وعدم سعيها للانضمام إلى حلف الناتو كجزء من أي تسوية. هذا الخلاف الجوهري يعكس الهوة الكبيرة بين المطالب الروسية والأوكرانية، مما يجعل احتمالات التوصل إلى حل سريع ضعيفة في الوقت الحالي.
من ناحية أخرى، فإن العامل الدولي يلعب دورًا كبيرًا في تعقيد المفاوضات، حيث إن الدعم الغربي المستمر لأوكرانيا عسكريًا واقتصاديًا يزيد من إصرار كييف على مواصلة المقاومة، بينما تعتبر موسكو أن هذا الدعم يشكل تدخلاً غير مقبول في نطاقها الأمني.
كما أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا تزيد من تعقيد الموقف، حيث إن موسكو تريد رفع هذه العقوبات كجزء من أي اتفاق شامل، بينما يربط الغرب ذلك بانسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.
في ظل هذه التعقيدات، يرى مراقبون أن احتمالات نجاح المفاوضات في المدى القريب تبقى محدودة، خصوصًا مع استمرار التطورات العسكرية على الأرض، حيث يحاول كل طرف تحسين موقفه التفاوضي من خلال تحقيق مكاسب استراتيجية، ومع ذلك، فإن استمرار الحوار يبقى أمرًا ضروريًا لتجنب تصعيد أكبر قد يؤدي إلى مواجهات أوسع يصعب السيطرة عليها.
بالتالي، يمكن القول إن الجولة الثانية من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا قد حققت بعض التقدم على المستوى الإنساني، لكنها لم تفلح في معالجة الجذور السياسية والعسكرية للأزمة، ومع استمرار تباين المواقف ووجود مصالح دولية متضاربة، يبدو أن الطريق إلى السلام لا يزال طويلًا، وأن الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان الصراع سيتجه نحو مزيد من التصعيد أم أن فرصًا جديدة للحل الدبلوماسي قد تظهر على الأفق.