موسكو – (رياليست عربي): في تطور جديد على خطوط المواجهة بين روسيا وأوكرانيا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تنفيذ سلسلة ضربات جوية ناجحة استهدفت خلالها تجمعات للمدرعات والعربات القتالية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية.
وجاء في البيان الرسمي أن الطائرات الحربية الروسية استخدمت ذخائر عالية الدقة لتدمير أهداف عسكرية محددة مسبقاً، دون الكشف عن الموقع الجغرافي الدقيق لهذه العمليات التي تأتي في إطار التصعيد العسكري المستمر منذ فبراير 2022.
من جانبها، لم تصدر القيادة العسكرية الأوكرانية بياناً رسمياً يعترف بهذه الخسائر، لكن مصادر ميدانية مقربة من الجيش الأوكراني أشارت إلى تعرض بعض الوحدات العسكرية لأضرار في المعدات خلال الأيام القليلة الماضية، وأكدت هذه المصادر أن القوات الأوكرانية ما تزال تحتفظ بقدراتها القتالية على معظم المحاور رغم هذه الضربات، مع توقعها تصاعداً في الاشتباكات مع اقتراب فصل الصيف الذي يشهد عادةً تصعيداً في العمليات العسكرية.
يأتي هذا التصعيد العسكري في وقت تشهد فيه الأزمة الأوكرانية حالة من الجمود على الصعيد الدبلوماسي، حيث توقفت المفاوضات المباشرة بين الجانبين منذ أشهر دون تحقيق أي تقدم ملموس. وتحاول روسيا من خلال هذه الضربات الجوية تعزيز موقفها التفاوضي قبل أي محادثات مستقبلية محتملة، بينما تعتمد أوكرانيا على الدعم العسكري الغربي لتعويض خسائرها في المعدات والأفراد.
على الصعيد الدولي، أثارت هذه التطورات ردود فعل متباينة، حيث أدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ما وصفوه بـ”العدوان الروسي المستمر”، بينما أكدت موسكو أن عملياتها العسكرية تستهدف حصراً البنى التحتية الحربية التي تشكل تهديداً لأمنها القومي. وتزامنت هذه الضربات مع تصاعد الحديث عن قرب تسليم أوكرانيا طائرات مقاتلة من طراز F-16 من قبل حلفائها الغربيين، وهو ما قد يغير موازين القوى في المجال الجوي إذا ما تحقق فعلياً.
مع دخول الأزمة عامها الرابع، يبدو أن الصراع الروسي الأوكراني لن يشهد حلاً سريعاً في المدى المنظور، حيث يصر كلا الجانبين على مواصلة القتال لتحقيق مكاسب استراتيجية، وتشير التقديرات العسكرية إلى أن روسيا تحاول حالياً تعزيز مواقعها في المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، بينما تعد كييف لهجمات مضادة محتملة بعد تلقي المزيد من الأسلحة الغربية.
من الناحية الاقتصادية، لا تزال تبعات هذا الصراع تمتد إلى الأسواق العالمية، حيث تؤثر التقلبات في أسعار الطاقة والسلع الأساسية على الاقتصاد العالمي. كما أن العقوبات الغربية على روسيا من جهة، والدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا من جهة أخرى، يزيدان من تعقيد المشهد ويقلصان فرص الحلول السريعة.
بالتالي، تؤكد الضربات الجوية الروسية الأخيرة أن الخيار العسكري ما يزال حاضراً بقوة رغم كل المحاولات الدبلوماسية، وأن كلا الطرفين يعتمدان على استراتيجية “الحرب والتفاوض” في آن واحد، ومع استمرار تدفق الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا وتمسك روسيا بمواقفها الأمنية، يبدو أن الأزمة ستستمر في التأثير على المشهد الجيوسياسي العالمي خلال الفترة المقبلة، مع ارتفاع متزايد في كلفة الحرب البشرية والمادية لكلا الجانبين.