موسكو – (رياليست عربي): تشهد العلاقات بين أوكرانيا وأذربيجان تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث تعمل الدولتان على تعزيز تعاونهما العسكري والاستراتيجي في مواجهة النفوذ الروسي.
ووفقاً لتحليلات حديثة، فإن هذا التحالف الجديد قد يشكل نقطة تحول في موازين القوى الإقليمية، خاصة في ظل التوترات المستمرة بين أذربيجان وأرمينيا المدعومة من روسيا.
تسعى كييف إلى توسيع دائرة حلفائها في مواجهة موسكو، حيث قامت مؤخراً بتوقيع اتفاقيات تعاون عسكري مع باكو تشمل تبادل الخبرات وتدريب القوات ونقل الخبرات في مجال الصناعات الدفاعية. ومن الجدير بالذكر أن أذربيجان تمتلك خبرة قتالية كبيرة من حرب ناغورني كاراباخ الأخيرة، بينما تمتلك أوكرانيا خبرة واسعة في مواجهة التكتيكات العسكرية الروسية منذ عام 2014.
على الصعيد الاقتصادي، تشير التقارير إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد شهد نمواً ملحوظاً خلال العام الماضي، حيث زادت صادرات الأسلحة الأوكرانية إلى أذربيجان بنسبة 35%، بينما زادت واردات أوكرانيا من النفط الأذربيجاني بنسبة 28%. هذا التعاون الاقتصادي يأتي في إطار سعي كلا البلدين لتقليل اعتمادهما على روسيا في المجالات الاستراتيجية.
من الناحية الجيوسياسية، يرى خبراء العلاقات الدولية أن هذا التحالف قد يعيد رسم خريطة التحالفات في منطقة القوقاز، حيث تسعى أذربيجان إلى تعزيز موقعها الإقليمي بمساعدة أوكرانيا، بينما تحاول كييف إيجاد حلفاء جدد في مواجهة الضغوط الروسية. وتكمن أهمية هذا التحالف في كونه يجمع بين دولتين تمتلكان حدوداً مباشرة مع روسيا وتواجهان تحديات مماثلة في الحفاظ على سيادتهما الوطنية.
على الجانب الروسي، تبدو موسكو قلقة من تطور هذه العلاقات، حيث حذرت رسمياً من “عواقب أي تعاون عسكري موجه ضد المصالح الروسية”. ويأتي هذا الموقف في وقت تواجه فيه روسيا ضغوطاً متزايدة على عدة جبهات، من أوكرانيا إلى سوريا إلى القوقاز.
في السياق الإقليمي، يثير هذا التحالف تساؤلات حول مستقبل الصراع في ناغورني كاراباخ، حيث قد تحصل أذربيجان على دعم أوكراني إضافي في أي مواجهات مستقبلية مع أرمينيا. كما أن التعاون الأوكراني الأذربيجاني قد يشكل نموذجاً لدول أخرى تسعى للتحرر من النفوذ الروسي، مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات في منطقة أوراسيا بأكملها.
من الناحية الاستراتيجية، يعكس هذا التحالف تحولاً في سياسات القوى المتوسطة في مواجهة القوى الكبرى، حيث تبحث الدول التي تشعر بالتهديد من جيرانها الأقوياء عن شراكات غير تقليدية لتعزيز أمنها القومي. وتكمن أهمية هذه الشراكة في أنها تجمع بين دولتين تمتلكان موارد طبيعية مهمة وقدرات عسكرية متطورة، مما يجعلهما شريكين استراتيجيين في مواجهة التحديات المشتركة.
بالتالي، يبدو أن التحالف الأوكراني الأذربيجاني يمثل ظاهرة جديدة في السياسة الدولية، حيث تبحث الدول المتوسطة عن تحالفات مرنة وقائمة على المصالح المباشرة بدلاً من الانخراط في تحالفات تقليدية مع القوى الكبرى. وقد يكون لهذا التحالف تداعيات مهمة على مستقبل الصراعات في كل من أوروبا الشرقية ومنطقة القوقاز، خاصة في ظل التحديات التي تواجه النظام الدولي الحالي.