دمشق – (رياليست عربي): يُعتبر الوطن من أهم العناصر التي تضمن استمرارية الدولة وقوتها، فهو يمثل الهوية والانتماء، ويعكس التقاليد والثقافات التي تشكل كيان المجتمع.
شهدت البلاد تحولات عميقة منذ عام 2011، مما أثر بشكل كبير على المشاعر الوطنية وشرعية الدولة.
يعتبر الوطن بمثابة الوعاء الذي يجمع بين الأفراد، حيث ينشأ من خلاله شعور بالانتماء إلى كيان أكبر، و هذا الشعور لا يقتصر على الجغرافيا بل يمتد ليشمل التاريخ المشترك والثقافة والتقاليد.
فكلما كانت المشاعر الوطنية قوية، كانت الدولة أكثر استقراراً وقوة.
فعلى سبيل المثال، في الدول التي تعاني من انقسامات عرقية أو دينية، غالباً ما تكون هناك حاجة ملحة لتعزيز الهوية الوطنية المشتركة لتجنب النزاعات، وهذا كان يتوجب فعله من الإدارة السورية الجديدة عقب سقوط النظام مباشرة.
إنه منذ بداية النزاع في سورية، تعرضت البلاد لتحديات غير مسبوقة، فقد أدى الصراع إلى تدمير البنية التحتية، وتهجير الملايين، وزيادة الفقر والبطالة، و في ظل هذه الظروف، تفككت العديد من الروابط التي كانت تربط بين أبناء الوطن.
ولإعادة بناء الوطن وتعزيز قوة الدولة، يجب العمل على استعادة المشاعر الوطنية، ويتطلب جهوداً شاملة ترتكز على ما يلي:
1. تعزيز التعليم: يجب أن يكون هناك برامج تعليمية تركز على تاريخ البلاد وهويتها الثقافية، و يجب أن يتعلم الشباب عن تنوع ثقافات سورية وضرورة التعايش السلمي بين جميع الفئات.
فالتعليم هو أداة قوية لبناء الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء.
2. الحوار الوطني: يجب فتح قنوات حوار بين مختلف الفئات في المجتمع السوري، لتعزيز التفاهم والتسامح بين الجميع، حيث يمكن أن تُعقد مؤتمرات وطنية تشمل ممثلين عن جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، للتوصل إلى حلول مشتركة.
3. إعادة بناء المؤسسات: تحتاج الدولة إلى إعادة بناء مؤسساتها بطريقة تعكس التنوع الثقافي والديني، و يجب أن تكون المؤسسات الحكومية تمثيلية، بحيث يشعر جميع المواطنين بأن لديهم صوتاً في صنع القرار، و هذا سيساعد في تعزيز شرعية الدولة وبناء الثقة بين الحكومة والشعب.
4. التنمية الاقتصادية: يجب العمل على تحسين الظروف الاقتصادية، حيث إن الفقر والبطالة يمكن أن تؤديان إلى مزيد من الانقسامات.
لذا يجب أن تشمل برامج التنمية جميع المناطق، وخاصة تلك التي تأثرت بشكل كبير بالنزاع بالأرياف التي تتجاوز مساحتها ٧٠٪ من سورية، والعمل على تحسين الظروف المعيشية مما يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية.
5. تفعيل دور المجتمع المدني: يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دوراً رئيسياً في تعزيز الهوية الوطنية من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية والتوعوية، وذلك من خلال إشراك المنظمات غير الحكومية على القيام بمبادرات تعزز من التماسك الاجتماعي وتساعد على بناء الثقة بين مختلف الفئات.
6. الإعلام الإيجابي: يلعب الإعلام دوراً حيوياً بل يرتقي ليكون مفصلياً في تشكيل الرأي العام.
لذا يجب أن يكون هناك تركيز على الإعلام الإيجابي بكل وسائله المختلفة الذي يعزز من قيم التسامح والتعايش السلمي، بدلاً من الخطاب التحريضي الذي يزيد من الانقسامات.
يُعتبر الوطن عنصراً أساسياً في استمرارية الدولة وقوتها.
لذا فإن تعزيز المشاعر الوطنية في سورية يعد خطوة ضرورية نحو تحقيق الاستقرار وإعادة بناء الدولة.
إن التحديات كبيرة، ولكن مع الإرادة السياسية والاجتماعية، يمكن أن يتحقق التغيير المنشود، مما يساهم في بناء مستقبل أفضل لجميع السوريين وبناء سورية الجديدة.
خاص وكالة رياليست – د. ياسين محمد العلي – خبير اقتصادي وناشط سياسي – سوريا.