أرسلت وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكية رسالة تحذير إلى القاهرة، في حال إبرامها إتفاقا لشراء مقاتلات روسية من نوع سوخوي35، بأنها ستتعرض لفرض عقوبات عليها، محذرة قائد القوات الجوية المصرية، الفريق محمد عباس بشكل شخصي، من عواقب تلك الصفقة.
وبالتزامن مع تهديد واشنطن بفرض عقوبات على مصر في حال شراء القاهرة مقاتلات سوخوي35 من موسكو، طالبت واشنطن من المشير خليفة حفتر وقف حرب تحرير طرابلس، على إعتبار الملف الليبي هو الملف الوحيد المشترك بين القاهرة وواشنطن، أي أن مصر هي المقصودة بالأساس في قرار واشنطن ضد المشير حفتر، خاصة وأن القاهرة هي الحليف الاقوى للقوات المسلحة العربية الليبية.
في سياقٍ متصل، إن التواجد الروسي المكثف خلال الأسابيع الأخيرة والمتزايد لصالح قوات الجيش الوطني الليبي كان أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت واشنطن تنقلب في موقفها على المشير حفتر، ولعل لقاء الرئيس المصري مع الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، الذي وجد فيه ضالته في كيفية حسم الأمور في ليبيا، خاصة وأن دولة الإمارات شريك قوي للجيش الوطني الليبي.
من هنا، إن أحد الأسباب الرئيسية للتهديد الأمريكي ضد مصر هو رغبة واشنطن في الحفاظ على التفوق العسكري في المنطقة لصالح إسرائيل فقط، إلا أن الأمر قد يتخطى ذلك، بفعل تغيرات الواقع السياسي، ولكن حتى وإن ظل التفوق حليف سلاح الجو الإسرائيلي، فهناك دفاعات جوية لدى مصر قد تجعل مقاتلات إسرائيل أهدافاً سهلة لها.
فلقد تكرر ذلك المشهد من قبل أكثر من مرة، وكان أبرزه عندما حضر جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي الأسبق إلى القاهرة فور اتفاق القاهرة مع موسكو على تبادل إستخدام القواعد والمطارات العسكرية، ولكن ما حدث قد يكون غير الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي في الشرق.
فقد يكون بسبب دعم مصر مؤخرا للجيش العربي السوري بمقاتلات ميغ، في ظل سعى الجيش العربي السوري خلال الأسابيع القليلة القادمة على تحرير العديد من البلدات الواقعة تحت سطوة الإرهاب، والأهم عزمها تلقين المحتل التركي درسا قاسيا، أمرا أساسيا في قرارات واشنطن العدوانية تجاه مصر وليبيا.
من هنا أصبحت الولايات المتحدة كموقف بريطانيا تجاه ليبيا، أي حريصة على أن يظل المشهد في ليبيا بين فريقين متخاصمين، وألا تزيد مساحة ليبيا المحررة من الإرهاب عن ذلك.
فالتحول المصري نحو الرافال الفرنسية والآن السوخوي الروسية سيجعل من مقاتلات إف16 الأمريكية فى سوق الشرق الأوسط كله وربما العالمي، سوق راكدة في عمليات البيع والشراء، بمقابل تلك المقاتلات الحديثة والمتطورة، فلقد منحت فرنسا لمصر دون غيرها، تسهيلات لإقتناء الرافال لمعرفتهم كيفية تحول أسواق دول المنطقة في حال توجه مصر للتعاقد على هذا السلاح بعينه.
أخيراً، إن التهديد الأمريكي ضد مصر غريب جدا، فمصر ليست عضو في حلف شمال الأطلسي – الناتو كحال تركيا التى تهددها الولايات المتحدة أيضا بعقوبات بسبب إقتناء منظومة دفاع اس400 الروسية، الأمر الذي يدلل على مدى القلق الأمريكي من حصول مصر على مقاتلة تضاهي اف35 الأمريكية.
فكما جاءت مناورات “سهم الصداقة-2019” الشهر الماضي بين قوات الدفاع الجوية المصرية ونظيرتها الروسية فى مصر على مواجهة الأهداف من المقاتلات الأمريكية الحديثة، كذلك عملت إسرائيل خلال التدريبات الدولية المعروفة باسم “ديغل كاهول” (العلم الأزرق) الشهر الجاري، التي تجري في قاعدة أوفجا الجوية بدولة الاحتلال على تدريب طياريها بمقاتلات اف35 الأمريكية لمواجهة أنظمة دفاعات جوية متطورة وبالأخص منظومة اس400 الروسية.
إن صراع التسلح بين مصر وإسرائيل وتركيا وصل لذروته، والتنافس الروسي – الأمريكي على الفوز بأسواق السلاح فى الشرق الأوسط لم يكن كذلك منذ حرب أكتوبر/ تشرين الثاني عام 1973.
خاص وكالة “رياليست” الروسية – فادي عيد وهيب، باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا