أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أن إدارته لا تعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية. وقد أدى هذا الإعلان إلى الابتهاج في إسرائيل، بينما لقى الخبر معارضة كبيرة في العالم العربي، الأمر الذي لم يفاجئ أحد.
لكن المفاجأة سببها الصحفيون والمعلقّون الذين لا يملكون أية فكرة حول هذا الموضوع، ولا يعرفون كيفية طرح الأسئلة المتعلقة فيه، فعلى سبيل المثال، ذُكِر في أحد المنشورات أن واشنطن تعترف بالمستوطنات الإسرائيلية الشرعية في فلسطين، أي هناك اعتراف صريح بدولة فلسطين، والتي احتلتها إسرائيل وبنت مستوطنات على أراضيها، وإذا ما قمنا بالنظر إلى ما يكتبون فإن القارئ يفهم بأنه كان هناك دولة إسمها فلسطين، وقامت إسرائيل باحتلالها وبناء المستوطنات عليها.
وهناك اخرون يطلقون على الأراضي التي تقع فيها المستوطنات الإسرائيلية المتنازع عليها إسم الضفة الغربية، واليوم تم إعتماد هذا الإسم، فمن أعطى لهذه الأراضي هذا الإسم ولماذا؟
إن تعميمهم لهذا الاسم يدل على الأمية، لأنه لا يوجد لأي من هؤلاء الكتّاب أي فكرة حول تاريخ فلسطين ومواقع مدنها أو أراضيها، لكن للتوضيح، فإن الضفة الغربية هي مساحة الأراضي التي إستولت عليها إسرائيل من الأردن خلال حرب عام 1967 وهي 6000 كلم تقريبا.
ومنذ ذلك الحين، أستوطن الإسرائيليون تلك الأراضي، إذ يقترب عددهم إلى حوالي نصف مليون نسمة، لكن على الصعيد الدولي، يعتبر المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة أن أنشطة إسرائيل الإسرائيلية هناك غير قانونية حتى تاريخ 18 نوفمبر/تشرين الثاني يوم اعتراف أمريكا ان بناء المستوطنات قانونية ، السؤال المطروح لمن تعود ملكية هذه الأراضي وفق للقانون الدولي ؟
بما أن إسرائيل استولت على هذه الأراضي خلال الحرب، فإن بناء مستوطنات مدنية يمكن أن يعتبر فعلا مخالفا لجميع الإتفاقيات الدولية الموقعة في جنيف.
دعونا نبدأ أولا من موضوع التسمية من يمكنه ان يطلق اسم فلسطين على هذه الأرض ، كيف يمكن أن تسمّى تلك الأراضي بأسماء فلسطينية إذا لم يكن هناك أي وجود لدولة فلسطين سابقا، ففي فترة حكم الإمبراطورية العثمانية، في الحرب العالمية الأولى إنتقلت أراضي هذه الدولة إلى بريطانيا، وفي العام 1947 أتخذ قرارا في الأمم المتحدة لإنشاء دولتين يهودية وعربية في الأراضي الخاضعة للسيطرة البريطانية، وكانت تدعى فلسطين البريطانية، التي كان مواطنوها من اليهود والعرب والدروز وغيرهم.
لقد تم رفض قرار الأمم المتحدة من الجانب العربي آنذاك، وبدلا من إيجاد حل لإقامة دولة عربية، قام الأردن بإحتلال هذه الأراضي بطريقة غير شرعية، ولم يفكر إطلاقا بإنشاء دولة فلسطينية هناك، ثم إنتقلت هذه الأراضي إلى إسرائيل بعد حرب1967 ،اذا ما علاقة فلسطين بتلك الأراضي؟
فالأشخاص التي تكره إسرائيل يمكن لها أن تطالب إعادة تلك الأراضي إلى الأتراك إبان الاحتلال العثماني، أو إلى البريطانيين، إبان الإنتداب البريطاني، أو الأردن ما قبل العام 1967، لكن لا يمكن لهم أن يطالبوا بعودتها إلى الفلسطينيين، لأنه ما من شيء إسمه فلسطين، وحتى تنظيمات الكفاح المسلح الفلسطينية يمكن لها التحدث عن المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المخصصة لفلسطين لا عن دولة فلسطين التي يدّعون اليها التي لم تكن موجوة بالاصل، من هنا يقول الكاتب هذه هي طبيعة المناطق التي يريدون أن تكون هي فلسطين، وهذه الأراضي يمكن لإسرائيل إيجاد تبرير ما لها وإقامة دولة فلسطين عليها، لكن على القرّاء ألا ينخدعوا بأن إسمها فلسطين.
أما بالنسبة للضفة الغربية، فهذا الإسم جاء من الأردنيين، وفي شرق الأردن نهر الأردن، وأما الجزء الذي تحتله بشكل غير قانوني هو الضفة الغربية على الرغم من إصرار المجتمع الدولي تسميته بفلسطين.
فمن وجهة نظر القانون الدولي كما أسلفنا، لا يمكن اعتبار هذه المستوطنات غير قانونية. حيث تم استرجاع هذه الأراضي في سياق حرب دفاعية من البلد الذي يحتلهم بصورة غير مشروعة وهي الأردن. وكان قرار الأمم المتحدة لعام 1947 على شكل توصية وأصبح باطلا بعد رفض الجانب العربي قبولها. لكن قرارات عصبة الأمم 1920 و1922 لها قوة قانونية بسبب إعطاء الحق للشعب اليهودي في هذه الأراضي، فإن من يدعي أن تلك الأراضي هي الضفة الغربية وتتبع لفلسطين فتلك نظرة عبثية ومحاولة للحديث عن الإنتهاك الدولي، رغم أن غالبية الدول لا تعترف بأن تلك الأراضي جزء من إسرائيل ولا تدعم بناء المستوطنات عليها.
وبعبارة أخرى، هذه ليست مسألة من مسائل القانون الدولي، بل هي صراع سياسي بحت يتطلب حلا سياسيا. فمنذ الإعلان الأمريكي الذي يعترف بشرعية هذه المستوطنات، تغيرت الحالة السياسية تغيرا جذريا لصالح إسرائيل. إلى جانب الرفض النهائي من جانب الأمريكيين لخطة إقامة دولة فلسطينية هناك. وبذلك يبدو أن إسرائيل تمكنت من الدفاع عن أرضها المقدسة اليهودية في يهودا والسامرة.
*المقالة تعبّر عن رأي الكاتب
أفيغدور إسكين -كاتب إسرائيلي، خاص لوكالة أنباء “رياليست” الروسية.