موسكو – (رياليست عربي): في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية بين روسيا والغرب، أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض حزمة عقوبات جديدة تُعد الثامنة عشرة من نوعها منذ بداية الأزمة الأوكرانية.
هذه العقوبات تأتي كرد فعل على السياسات الروسية، لكن السؤال الأهم هو كيف ستُجيب روسيا على هذه الإجراءات وما هي الآثار المتوقعة على الاقتصاد الروسي والأوروبي.
منذ عام 2014، فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سلسلة من العقوبات على روسيا بسبب ضم شبه جزيرة القرم، ثم تصاعدت هذه الإجراءات بعد بداية العملية العسكرية في أوكرانيا عام 2022. وشملت العقوبات قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنوك والتجارة والتكنولوجيا، بالإضافة إلى قوائم سوداء لشخصيات وشركات روسية. ومع ذلك، أظهر الاقتصاد الروسي مرونة كبيرة، حيث تمكن من التكيف مع الظروف الجديدة عبر تعزيز العلاقات التجارية مع الصين والهند ودول الشرق الأوسط.
وفقًا لتقارير إعلامية، تركز الحزمة الجديدة على تقييد تصدير التكنولوجيا العسكرية والثنائية الاستخدام إلى روسيا وتوسيع قائمة الأشخاص والشركات الخاضعة للتجميد المالي وحظر السفر. كما تشمل فرض قيود على استيراد بعض السلع الروسية مثل المعادن والمكونات الإلكترونية واستهداف شبكات التهريب التي تساعد روسيا في الالتفاف على العقوبات. وتهدف هذه الإجراءات إلى زيادة الضغط على الاقتصاد الروسي، لكن الخبراء يشككون في فعاليتها، خاصة بعد أن وجدت روسيا طرقًا بديلة لتعويض الخسائر.
أعلنت الحكومة الروسية أنها ستُقدم ردًا متناسبًا على العقوبات، ومن الإجراءات المتوقعة فرض قيود على شركات أوروبية تعمل في السوق الروسية وتسريع التحول نحو العملات البديلة مثل اليوان الصيني والروبل في التجارة الدولية. كما تتجه موسكو إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع حلفاء جدد في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وزيادة الإنتاج المحلي في مجالات التكنولوجيا والصناعة لتقليل الاعتماد على الواردات. وقد صرّح الرئيس فلاديمير بوتين سابقًا أن العقوبات الغربية “زادت من قوة روسيا”، مشيرًا إلى أن البلاد أصبحت أكثر اعتمادًا على نفسها في مجالات حيوية مثل الزراعة والتصنيع العسكري.
على الرغم من أن العقوبات أثرت سلبًا على بعض القطاعات الروسية، إلا أن الاقتصاد الروسي نما بنسبة 3.6% في 2023، وفقًا لصندوق النقد الدولي. ويعود ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز، مما زاد من عائدات التصدير، والتعاون الاقتصادي مع الصين والهند، التي أصبحت أكبر مشترين للطاقة الروسية، والتحفيز الحكومي للصناعات المحلية، مما قلل من الاعتماد على الواردات الأجنبية، أما في الجانب الأوروبي، فقد عانت بعض الدول مثل ألمانيا وإيطاليا من ارتفاع أسعار الطاقة بعد تقليل وارداتها من روسيا، مما أثر على الصناعة والاستهلاك المحلي.
وبعد أكثر من عامين من العقوبات المتتالية، يبدو أن روسيا تمكنت من التكيف مع الوضع الجديد، بينما بدأ الاتحاد الأوروبي يعاني من تبعات هذه الإجراءات، ومع ذلك، تستمر بروكسل في فرض المزيد من القيود، مما يطرح تساؤلات حول فعالية العقوبات كأداة للضغط السياسي، في النهاية، يبقى السؤال الأهم هل ستنجح العقوبات في تغيير سياسات الكرملين، أم أنها ستزيد من تعميق الانقسام بين روسيا والغرب.
من الواضح أن الحرب الاقتصادية بين روسيا والغرب ستستمر، لكن نتائجها النهائية ما زالت غير واضحة، في غضون ذلك، يعمل كلا الجانبين على تعزيز تحالفاتهما واستراتيجياتهما لمواجهة التحديات القادمة.