قال مسؤولون إسرائيليون يوم الاثنين إن إسرائيل والسودان اتفقا على العمل على تطبيع العلاقات للمرة الأولى، وذلك بعد اجتماع عقده زعيما البلدين في أوغندا، وجاء في بيان إسرائيلي “تم الاتفاق على بدء التعاون بما يؤدي إلى تطبيع العلاقة بين البلدين”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
علل رئيس مجلس السيادة الإنتقالي في السودان، الفريق أول ركن، عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن، أن الخطوة التي قام بها ولقائه رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، إنطلاقاً من موقع مسؤوليته وعمله لحفظ الأمن الوطني السوداني وتحقيق مصالح الشعب، دون الرجوع إلى الشعب من الأساس، أو حتى إستشارته، الأمر الذي إعتبرته أوساط سياسية عديدة أنه تصرف منفرد، ممسكاً بملف العلاقات الخارجية السودانية بشكل شخصي، الأمر الذي يعتبر خرقاً للوثيقة الدستورية وتجاوز إختصاصات الجهاز التنفيذي.
فيما أكدت مصادر أن الخطوة السودانية يتم التخطيط لها منذ أكثر من ثلاثة أشهر وبوساطة ورعاية دولة خليجية – أمريكية، حتى أنها كانت قائمة منذ عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، إلا أن أحداث الثورة والتطورات التي حدثت، أعاقت وتنفيذ هذه الخطوة، بينما رأى مراقبون أن السودان يتعرض لضغط خارجي إلى جانب أن دول ما يسمى محور الإعتدال قامت بالضغط على البرهان لإتمام اللقاء مع نتنياهو، على المقلب الآخر، وعمق التواجد الإسرائيلي في القارة الأفريقية، يؤكد نية تل أبيب في التربع في قلب القارة من خلال التطبيع مع الدول العربية الواقعة هنا، فخطوة البرهان وبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لصفقة القرن، يؤكد أن الآلة الغربية تعمل على قدمٍ وساق من أجل الإسراع في وضع نهاية للصفقة، وبالطبع بما ينفع إسرائيل.
أما الحديث الإسرائيلي والتفاخر بالتطبيع العلني خاصة من جانب نتنياهو، يأتي في سياق كما هو معروف، الهروب من قضايا الفساد التي تلاحقه، وصنع إنتصارات خارجية لم تكن لتحدث في عهد أحد من أسلافه، وبالتالي تكون الغلبة له في الانتخابات الإسرائيلية، وبالتالي تبقى الحصانة التي يتمتع بها المنقذ الوحيد له من السجن.
فكما هو معروف وعلى مر عقود من الزمن أن السودان على المستويين الرسمي والشعبي، كان رافضاً التطبيع مع إسرائيل، وكان له موقف ثابت من القضية الفلسطينية، وإن حدث وتمت هذه الخطوة فلا يمكن قبل الإعتراف بالحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة، وهذا الأمر الحكومة الإنتقالية الحالية في السودان لا تمتلك خيار تغيير هذه المفاهيم أو حتى تعديلها، وإنما الأمر برمّته يعود إلى المجلس التشريعي والمؤتمر الدستوري أو الحكومة المنتخبة، فما هي نوايا البرهان الحقيقية من وراء هذا الإعلان، وهل نسف أهداف ثورة شعبه، بإنقلابه على ثوابت الثورة التي أطاحت بالبشير؟
فيما يبدو أن الولايات المتحدة تعمل على تقديم الإغراءات من خلال تقديم الوعود للبرهان، على أن يكون هو البديل الحقيقية للبشير، من خلال تنفيذ الأجندة الأمريكية في المنطقة، الأمر الذي يضع السودان ضمن دائرة الخطر وهو الذي لم يتعافَ من أزماته بعد.
من هنا، لابد وأن هذا التطبيع سيفتح باب الخلافات مجدداً في السودان غير المستقر، ويكون البرهان إنطلق بموجب ضغوطات عليه ووعود أمريكية، ما يعني أن الحكومة السودانية الحالية ستكون أمام مفترق طرق، فهل يستطيع الشعب السوداني الذي خلع البشير، أن يتقبل فكرة البرهان أم يعمل على خلعه وإستبداله؟ للإجابة على هذه التساؤلات يتوجب مراقبة الأوضاع وما ستؤول إليه في ظل التطورات الحالية.
فريق عمل “رياليست”