أقل ما يقال عن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة: إنها صراخ مشوب بالخوف والرعب من الهزيمة النكراء. فالانتصارات الأخيرة للجيش السوري والضربات الموجعة في حلب وإدلب قلبت الطاولة على أردوغان ومرتزقته، وقلبت موازين القوى، فسقط المغرور وكأنما رأى كابوساً أيقظه من غفلة جنون العظمة الذي كان يسيطر عليه لسنوات، وبدأ يتحسس الهزيمة على يد الجيش السوري.
لم تنفعه صيحاته الاستعراضية الرافضة لصفقة القرن، فهي لم تعبر عن موقفٍ من إسرائيل، ولا من أمريكا التي ما زالت ترفع عصا التهديد بتدميره وتدمير الاقتصاد التركي في حال هجومه على الأكراد. وماذا تنفع الصيحات الفارغة أمام تاريخ موغل بالانبطاح والتآمر؟
هل يظن أن التاريخ ينسى زيارته إلى إسرائيل عام 2005 حيث استقبله شارون قائلاً: “أهلاً بك في القدس عاصمة إسرائيل الأبدية”!؟ وهل يستطيع أن يخفي الوسام الذي منحته إياه منظَّمة المؤتمر اليهودي الأميركي “أي جي سي” عام 2004؟ أو يخفي وسام الشجاعة السياسية الذي منحته إياه رابطة مكافحة التشهير “أي دي إل” اليهوديَّة الأميركية عام 2005؟
إن أردوغان يحاول أن يجدد شعبيته في الأوساط الإسلامية، فيصيح مندداً بصفقة القرن، ويحاول أن يتطاول على روسيا القيصرية بجولاته الاستفزازية إلى ليبيا وأوكرانيا، وإصدار التصريحات الاستفزازية لموسكو، وكأنه نسي أن روسيا أعطته أكبر من حجمه في المنطقة بعد أن كان مجرد دمية أمريكية، وهي التي تسحب هذا الدور منه عندما يتطاول ويتصرف برعونة وغباء.
وها هو اليوم يتلقى درساً وضربة قوية على يد الجيش السوري، بعد أن رفعت روسيا يدها عنه. فمع كل تقدم للجيش السوري في السنوات السابقة، ومع كل انتصار للجيش السوري وبعد كل ضربة موجعة لمرتزقة أردوغان، كان يسارع إلى روسيا بطلب هدنة أو اتفاق لوقف النار ليحفظ ماء وجهه ويعيد ترتيب أوراقه، وكان هذا على حساب سورية.
اليوم اختلف الوضع، فأردوغان بات وحيداً، فلا أمريكا تدعمه لأنه منتهي الصلاحية مؤقتاً، ولا روسيا تدعمه لأنها اكتشفت مكره وخيانته، ولا إيران تدعمه لأنها ذاقت طعم الحرب، ويجب أن تكون مستعدة لها، وهكذا ظهر على حقيقته، وبان ضعفه وغوغائيته، وجن جنونه، فبدأ يلقي تصريحاته يمنة ويسرة، ولكنها تصريحات خاوية وستذروها الرياح، فلا معنى لتهديداته بأنه إذا لم يتوقف الهجوم على إدلب فسيضطر للبدء بعملية عسكرية، لأن عملياته قائمة منذ فترة، ولكنها مسحوقة بفضل الجيش السوري.
وما يؤكد خواء تصريحاته هو نداؤه بقوله: “العالم يتفرج على ما يحدث في إدلب ولا يبحث عن حل” قاصداً الحلول السياسية التي كانت تطرحها روسيا وإيران وتصب في صالحه، وكانت تقبل بها سورية بحكم العلاقة الجيدة مع حلفائها، وليس بحكم أنها تابعة لهم كما يتشدق الأجير الأمريكي أردوغان!! ولا أنها دمية بيد روسيا وإيران كما صرح مؤخراً!! فالأجير لا يفهم تفكير السيادة، ولا يستوعب مفهوم السيادة، ولا يدرك أن كل شيء له نهاية، ونهايته بيد قادة الحق كما قال الرئيس الراحل حافظ الأسد المعلم الأول للحرب والسياسة: (الزمن لا يمكن أن يكون إلى جانب الباطل، الزمن لابد إلا وأن يكون إلى جانب الحق).
خاص وكالة “رياليست” – الأستاذ المهندس أسامة حافظ عبدو – مدير المركز السوري للدراسات السياسية