حين يتم الاستثمار حتى في الأزمات وبتقنية عالية ومسؤولية وطنية، سؤال يطرح نفسه، هل استطاعت الصين الاستفادة من أزمة كورونا؟ من خلال صناعة رأي عام مميز؟
من خلال التضليل السياسي الإستراتيجي المعتمد على ما يمكن أن يخدم التضليل من وسائل وأدوات قد تصل إلى استخدام رؤساء دول في ذلك. كل شيء يمكن استخدامه بما فيها الأساطير والتهويل الشديد لبناء “الصدمة ” في التضليل السياسي أو الاقتصادي الإستراتيجي، وهي بشكلها “القريب من الواقع” تمتلك قدرة كبيرة على الضغط النفسي القادر على إجبار “دول عظمى” على اتخاذ قرارات سياسية مصيرية وفي بعض الأحيان “خاطئة”.
القيادة الصينية في واقع الحال استخدمت تكتيكاً تضليلياً اقتصاديا خاصاً وفريداً وتوفيرياً ويغني عن خطط استراتيجية ضخمة وطويلة ومكلفة وذلك بغية التخلص من المستثمرين الأوروبيين، ولدعم العملة الصينية بوقت واحد ذلك لأنها تعلم أن الأوروبيين والأمريكيين “يبحثون عن ذرائع للإيقاع بالصينيين”… وقد نجحت من خلال هذا التكتيك في “خداع الجميع”، وحصد 20 مليار دولار أمريكي بظرف قصير؛ هذا بالإضافة إلى استعادة ما يعادل 30% من الاحتكارات الخاصة التي كانت خارج سيطرتها.
الرئيس الصيني شي جين بينغ خدع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بوقت واحد، وعلى مرأى جميع من في العالم لعب لعبة اقتصادية ذات طابع تكتيكي، لم تخطر ببال أحد. فقبل فيروس كورونا كانت معظم الأسهم والحصص في المشاريع الاستثمارية في معامل إنتاج التكنولوجيا والكيماويات تعود ملكيتها للمستثمرين الأوروبيين والأمريكيين، وهذا يعني أن نصف الأرباح من الصناعات التكنولوجية والكيميائية الخفيفة والثقيلة، كانت تذهب إلى أياد المستثمرين، وليس إلى الخزينة الصينية، مما كان يؤدي إلى هبوط صرف العملة الصينية اليوان، ولم يكن بإستطاعة المصرف المركزي الصيني أن يفعل شيئاً أمام السقوط المستمر لليوان، حتى أنه انتشرت أنباء عن عدم قدرة الصين على شراء أقنعة للوقاية من انتشار الفيروس القاتل.
هذه الشائعات وتصريحات الرئيس الصيني “بأنه مستعد لإنقاذ البلاد من الفيروس”، أدت إلى انخفاض حاد في أسعار شراء أسهم شركات صناعة التكنولوجيا في الصين، وقد تسابقت إمبراطوريات تمويل المستثمرين “الأجانب” في طرح الأسهم الاستثمارية للبيع بأسعار منخفضة جداً، وبعروض مغرية، “لم يشهد لها مثيل”.
الرئيس الصيني وبعد انتظار اسبوع كامل ظهر فجأة مبتسماً في مؤتمر صحفي، ومع وصول أسعار الأسهم الأجنبية إلى حدودها الدنيا شبه المجانية، أصدر أمراً بشراء أسهم الجميع الأمريكيين والأوروبيين ودفعة واحدة، تيقن ممولو الاستثمارات الأوروبية والأمريكية بأنهم خدعوا.
كان الوقت متأخراً جداً، حيث كانت الأسهم في يد الحكومة الصينية، الآن ستذهب أرباح شركات الصناعات التكنولوجية والكيماوية إلى خزينة الحكومة الصينية، وفائدة الشعب الصيني، ولدعم اليوان، لن تكون الحكومة الصينية مضطرة لدفع رصيدها من الذهب، مشفى للأزمة خلال عشرة أيام دون بيروقراطية وأنظار، هكذا يتم الاستثمار سلماً وحرباً وهكذا تدير الدول أزماتها بكل ثقة وثبات لتجاوز الأزمات وتحقيق الأفضل.
هذا لا يعني نفي الأزمة فلا السماء صافية ولا العصافير تزقزق وهناك أزمة يتم إدارتها بكل قوة ولكن الأزمة لا تعني الانشغال عن كل إيجابي بحجة الأزمة، الصين تواجه أزمة حقيقية ولكنها تعمل ببراعة. هو درس للجميع ألا يحتج أحد بالأزمة أي أزمة، والتحية لكل عميق وثابت.
خاص وكالة “رياليست” – د. بكور عاروب – باحث سوري متخصص بالجماعات الإسلامية والحركات الجهادية