موسكو – (رياليست عربي): تعمل فرنسا للعودة إلى الساحة الدولية بقوة عبر الأزمة الأوكرانية، والترويج لنفسها على أنها ممثلة القارة العجوز مقابل روسيا، يأتي ذلك بالتزامن مع حراك فرنسي ملحوظ نحو شمال أفريقيا، ممثلاً بالجزائر والمغرب وتونس.
لماذا تجهد باريس لتكثيف نشاطها الدولي في الآونة الأخيرة؟
يرى البعض أن باريس شعرت بأنها مهمشة في الكثير من الملفات الشرق أوسطية، لا سيما ما حدث في سوريا وتونس وليبيا، مقابل تغلغل تركي وأمريكي وروسي، ثم أتت الأزمة بين فرنسا والجزائر بسبب تصريحات سابقة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تساءل فيها عن وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، ما أثار ردود فعل حادة في المجتمع الجزائري، وأخيراً تأتي الأزمة الأوكرانية بين الغرب وروسيا.
كما أن تنامي مشاعر العداء لفرنسا بمنطقة الساحل الافريقي، التي تعد مناطق نفوذ تقليدية لها، شجع روسيا لملء الفراغ وإحكام سيطرتها على المنطقة لاستعادة موقعها وقوتها أيام الاتحاد السوفيتي، وقد تحدثت صحف فرنسية حول ذلك، وهو ما دفع الرئيس الفرنسي ماكرون لاتهام موسكو في العام 2020 بأنها تعمل لتأجيج مشاعر الكره ضد باريس في أفريقيا.
وسط هذا المشهد تزداد الهواجس الفرنسية مؤخراً، بعد سطوع اسم مرشح الحزب الشيوعي الفرنسي للانتخابات الرئاسية القادمة، إذ أن فابيان روسيل الذي صرّح بأنه سيسعى إلى فرض ضرائب جديدة على أرباب العمل الأغنياء وتقليص ساعات العمل الأسبوعية من 35 ساعة إلى 32، إضافة إلى دعم الطبقات الشعبية البسيطة، ما أدى لتزايد مؤيديه بين الطبقة الوسطى والفقراء والأجانب المجنسين .
تقول أوساط فرنسية بأن الإعلام الفرنسي، وحتى شيوعيو فرنسا ذاتهم لم يعتادوا على الجموع الغفيرة التي التفت حول روسيل، ما أعطى مؤشرات أيقظت مشاعر الخوف لدى الرئيس الفرنسي ماكرون، بل ولدى التيارات المحافظة والقومية في فرنسا، إضافةً للاستخبارات الفرنسية.
في حين بات شعار إشعال الشيوعية من جديد في فرنسا الكابوس الأكبر الذي بات يؤرق السلطات الفرنسية والأحزاب المحافظة والمتشددة، والأساس في تلك المخاوف هو أن يكون الرجل أداةً لروسيا، رغم أن الأخيرة لم تعد دولةً شيوعية، بل صناعية رأسمالية، ولكن التاريخ الذي جعل من موسكو عاصمةً للشيوعية العالمية، لا زال مستمراً في الأخذ به، ومما زاد من تلك المخاوف وجود قلق لدى باريس من مخطط روسي للتغلغل في القارة السمراء، إضافةً للأزمة الأوكرانية مؤخراً والتي عمقت الشرخ بين موسكو من جهة وباريس والغرب من جهة أخرى.