واشنطن – (رياليست عربي). وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يصنف مادة الفنتانيل المخدرة كسلاح دمار شامل، في خطوة نادرة من شأنها توسيع الصلاحيات القانونية للحكومة الأميركية في مواجهة شبكات تهريب هذا الأفيون الصناعي.
ويستند القرار إلى «الفتك الشديد» للفنتانيل، الذي يتسبب في وفاة عشرات الآلاف من الأميركيين سنويا، ويشير إلى أن شبكات إجرامية عابرة للحدود — تصنفها إدارة ترامب كمنظمات إرهابية أجنبية — تستخدم عائدات تجارة الفنتانيل لتمويل أنشطة تقوض الأمن القومي للولايات المتحدة.
وخلال توقيع القرار في المكتب البيضاوي، قال ترامب إن تدفقات المخدرات إلى الولايات المتحدة عبر البحر انخفضت بنسبة 94%، مع إقراره بأن معظم كميات الفنتانيل ما زالت تدخل عبر المعابر البرية. ووصف تهريب المخدرات بأنه «تهديد عسكري مباشر للولايات المتحدة الأميركية».
وجعلت الإدارة الأميركية من الفنتانيل محوراً أساسياً في سياساتها الحدودية والأمنية، معتبرة أن تشديد إجراءات الهجرة والرقابة على الحدود أسهم في خفض الاستهلاك الداخلي. وقال منسق شؤون الحدود في البيت الأبيض توم هومان إن الإجراءات المشددة بدأت تعطي نتائج ملموسة. وأضاف: «مع حدود آمنة، تُنقذ الأرواح يوميا، وتراجعت الاتجار بالبشر، وتراجع الفنتانيل».
ويُعد تصنيف مادة مخدرة كسلاح دمار شامل خطوة شبه غير مسبوقة، وإن كانت قد طُرحت سابقا في واشنطن. وخلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، دعا ائتلاف من المدعين العامين في الولايات الأميركية، من الحزبين، إلى اتخاذ خطوات مماثلة، مشيرين إلى قدرة الفنتانيل على قتل أعداد كبيرة من الناس بسرعة حتى بجرعات ضئيلة للغاية.
وتشير السلطات الأميركية إلى أن معظم الفنتانيل غير المشروع الذي يدخل البلاد يُنتج في المكسيك على يد كارتلات المخدرات باستخدام مواد كيميائية أولية مصدرها في الغالب الصين. كما توسع الإنتاج في منطقة «المثلث الذهبي» بجنوب شرق آسيا — لاوس وميانمار وتايلاند — حيث يمكن تصنيع الفنتانيل في مختبرات صغيرة بدائية، ما يعقد جهود المكافحة.
واتهمت إدارة ترامب أيضا شبكات كارتلات تعمل انطلاقا من فنزويلا بتهريب الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، مستخدمة هذه المزاعم لتبرير استخدام القوة القاتلة ضد سفن يُشتبه في تورطها بتهريب المخدرات في البحر الكاريبي. ورغم أن فنزويلا تُعد ممرا رئيسيا للكوكايين، فإنها لا تُعتبر على نطاق واسع لاعبا مركزيا في سلاسل إمداد الفنتانيل العالمية.
ويأتي هذا التصنيف وسط تكهنات متزايدة بإمكانية تصعيد واشنطن ضغوطها على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بما في ذلك احتمال توجيه ضربات ضد أهداف يُشتبه في صلتها بالتهريب داخل الأراضي الفنزويلية. ويرى محللون أن اعتبار الفنتانيل سلاح دمار شامل يعزز الأساس القانوني لاستخدام القوة العسكرية.
وتستحضر الخطوة سوابق تاريخية في السياسة الأميركية، إذ استُخدمت مزاعم امتلاك أسلحة دمار شامل لتبرير غزو العراق عام 2003 وإسقاط نظام صدام حسين. كما سبق لواشنطن أن لوحت بإمكانية عمل عسكري ضد كارتلات المخدرات في كولومبيا والمكسيك، ويرى محللون أن التركيز الأميركي قد يتجه مستقبلا نحو تلك الدول أيضا.






