كييف – (رياليست عربي): لا تقف الأزمة الأوكرانية عند الحدود العسكرية والجيوسياسية، لأن تشظيها أكثر ما سيظهر في مضمار الاقتصاد والمعيشة لكثير من الشعوب، عناوين كبيرة باتت تؤرق الكثير من الحكومات، القمح والوقود والزيوت والمواد الغذائية وأسعار نقل البضائع بحراً، كل ذلك سيتأثر بقوة، مما سيعني أزمة اقتصادية عالمية قاسية على الكوكب.
فمنذ بداية الحديث عن الرد الغربي لأي عدوان روسي على أوكرانيا، برزت العقوبات الاقتصادية كأداة رئيسية في ترسانة الغرب للتعامل مع روسيا. وقد طُرح ملف الطاقة، وتحديداً إمدادات النفط والغاز الروسي، كورقة مساومة أساسية في هذا الإطار.
لكن هذا الملف مثّل سيفاً ذا حدين، فمن جهة يمثل فرض عقوبات على قطاع النفط والغاز الروسي تضييقاً لموسكو التي تشكل صادراتها من النفط والغاز إلى أوروبا رافداً رئيسياً لاقتصادها، ومن جهة أخرى، قد تعني هذه الخطوة أن يجد الاتحاد الأوروبي نفسه في موقف حرج نظراً لاعتماده على الغاز والنفط الروسي بشكل كبير.
فالاتحاد الأوروبي يعتمد بنسبة تزيد عن 40 في المئة على الغاز الروسي، في حين تصل صادرات النفط الروسي إلى الاتحاد إلى نحو 27 في المئة من إجمالي إمدادات النفط الواردة إليه، وهو الأمر الذي يعطي روسيا قوة كبيرة في سوق الغاز والنفط في الاتحاد الأوروبي .
حتى الولايات المتحدة الأمريكية وعلى لسان رئيسها جوزيف بايدن لم تنكر بأن العقوبات على روسيا ستسبب ضرراً كبيراً على الاقتصاد الأمريكي.
أما دول الشرق الأوسط لا سيما حليفة أمريكا، والتي في ذات الوقت تجمعها علاقات ليست سيئة بروسيا، ستجد نفسها مضطرة لموازنة علاقاتها بين روسيا من جهة وأمريكا والغرب من جهة أخرى، لكن تاريخ التعامل الأمريكي على قاعدة من ليس معنا فهو عدونا سيعقد المشهد.
كما أن تزايد التوتر بين روسيا والغرب سيؤدي إلى زيادة الاستقطاب في العلاقات الدولية، وتسميم أي إمكانية للتعاون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وما قد يتركه أمر كهذا من أثر على الوضع في دول عربية تشهد انخراط أطراف دولية في الصراع الدائر فيها مثل سوريا وليبيا. أخيراً تبقى المخاوف المطروحة حالياً في الكثير من الأروقة العربية والأوروبية والأوراسية أيضاً، كيف ستنعكس الأزمة على الاقتصاد العالمية بل وعلى معيشة الشعوب، خصوصاً مع ورود تقارير تتحدث عن بداية ارتفاع أسعار الحبوب وعلى رأسها القمح، إلى جانب الوقود، وباقي المواد الغذائية.