لندن – (رياليست عربي): في خطوة غير مسبوقة تعكس عمق الأزمة المالية التي تواجهها الولايات المتحدة، أعلن البيت الأبيض عن إطلاق مبادرة تسمح للمواطنين الأمريكيين بالمساهمة طواعية في سداد الدين العام للبلاد الذي تجاوز حاجز الـ 35 تريليون دولار.
هذه الآلية الجديدة التي تم الكشف عنها يوم 26 يوليو 2025 تمثل محاولة غير تقليدية لمواجهة أحد أكبر التحديات الاقتصادية في التاريخ الأمريكي الحديث، حيث يتجاوز حجم الدين حالياً 120% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.
التفاصيل التقنية للمبادرة تكشف عن إنشاء منصة رقمية متطورة تتيح للأفراد والشركات تقديم تبرعاتهم مباشرة لوزارة الخزانة الأمريكية، مع ضمانات كاملة للشفافية والمحاسبة. النظام الجديد مصمم لاستقبال مختلف أشكال التبرعات بما في ذلك التحويلات المصرفية، التبرعات العينية، وحتى العملات الرقمية، مع تقديم حوافز ضريبية سخية تصل إلى خصم 100% من قيمة التبرع من الضرائب المستحقة للمتبرعين. كما تشمل الخطة إطلاق حملة توعية وطنية موسعة لتشجيع المشاركة الشعبية، مع إنشاء نظام لتكريم المتبرعين الكبار على المستوى الوطني.
هذه الخطوة تأتي في سياق تصاعد المخاوف من تداعيات الدين العام الأمريكي على الاستقرار المالي العالمي، حيث تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن خدمة الدين تستهلك ما يقارب خمس الميزانية الفيدرالية الأمريكية، وهو ما يعادل نحو 800 مليار دولار سنوياً. الخبراء الاقتصاديون يحذرون من أن استمرار هذا المسار قد يؤدي إلى انعكاسات خطيرة على قيمة الدولار وأسواق السندات العالمية، مع تأثيرات متتالية على الاقتصادات المرتبطة بالولايات المتحدة.
ردود الفعل على المبادرة تباينت بشكل لافت بين الأوساط السياسية والاقتصادية. بينما أشاد بعض المشرعين بالفكرة باعتبارها تعزز “ثقافة المسؤولية المالية المشتركة”، هاجمها آخرون باعتبارها محاولة لتحميل المواطنين العاديين تبعات سياسات مالية فاشلة. في الأوساط الأكاديمية، يرى بعض الاقتصاديين أن تأثير التبرعات الطوعية سيكون محدوداً في مواجهة حجم الدين الهائل، بينما يشير آخرون إلى قيمتها الرمزية في تعزيز الوعي العام بمخاطر الأزمة المالية.
على المستوى العملي، تواجه المبادرة تحديات جسيمة في الإقناع والتنفيذ. ففي ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تشهد ارتفاعاً في معدلات التضخم وانخفاضاً في القوة الشرائية للعديد من الأسر الأمريكية، يبدو إقناع المواطنين بالتبرع لسداد الدين العام مهمة شاقة. كما تثير المبادرة تساؤلات حول حدود المسؤولية بين الحكومة والمواطنين في إدارة المالية العامة، وفيما إذا كانت تشكل سابقة لخصخصة حلول المشاكل الهيكلية التي يفترض أن تتحملها الدولة.