لندن – (رياليست عربي): كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز عن نية الحكومة البريطانية التوجه إلى إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بطلب رسمي لخفض الرسوم الجمركية على واردات الصلب البريطاني إلى الولايات المتحدة إلى مستوى الصفر.
تفاصيل الخطة البريطانية تشير إلى أن لندن ستقدم طلباً رسمياً لإدارة ترامب حيث يُعتبر ترامب مؤيداً لسياسات الحمائية التجارية التي تميزت بها إدارته السابقة، وكان ترامب قد فرض رسوماً جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب الأجنبي إلى الولايات المتحدة في عام 2018، ضمن إجراءات تهدف إلى حماية الصناعة الأمريكية.
هذه الرسوم أثرت سلباً على العديد من الدول، بما في ذلك بريطانيا، رغم كونها حليفاً وثيقاً للولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تؤدي أي تخفيضات في هذه الرسوم إلى تعزيز صادرات الصلب البريطاني إلى السوق الأمريكية، مما سيدعم الشركات المحلية ويعوض جزئياً عن الخسائر الناتجة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
العلاقات التجارية بين بريطانيا والولايات المتحدة تشهد تطورات مهمة في الفترة الأخيرة، حيث تسعى لندن إلى تعزيز شراكاتها الاقتصادية في مرحلة ما بعد بريكست، وكان الجانبان قد أعلنا سابقاً عن مفاوضات لتوقيع اتفاقية تجارية ثنائية، لكن التقدم في هذا الملف ظل بطيئاً بسبب الخلافات حول عدة قضايا، بما في ذلك الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم. وفي هذا السياق، يأتي طلب بريطانيا الجديد كخطوة تكتيكية لتحفيز المحادثات التجارية مع واشنطن، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية التي قد تغير المشهد السياسي في الولايات المتحدة. ومن المرجح أن تستخدم لندن علاقاتها الدبلوماسية الوثيقة مع واشنطن للضغط من أجل تحقيق مكاسب تجارية لصالحها.
التداعيات الاقتصادية المحتملة لهذا الطلب البريطاني قد تكون كبيرة على عدة مستويات، فعلى الصعيد المحلي، فإن تخفيض الرسوم الجمركية سيمكن الشركات البريطانية من زيادة صادراتها إلى الولايات المتحدة، مما سينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي وفرص العمل في قطاع الصناعة البريطاني.
كما أن هذا التحرك قد يخفف من حدة المنافسة التي تواجهها الشركات البريطانية في السوق العالمية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي وتأثيرات خروج بريطانيا من السوق الموحدة الأوروبية، ومن الناحية السياسية، فإن نجاح لندن في إقناع واشنطن بتخفيض الرسوم سيعزز مكانة بريطانيا كشريك تجاري موثوق به للولايات المتحدة، وقد يفتح الباب أمام مزيد من التعاون في مجالات اقتصادية أخرى.
على الجانب الآخر، فإن استجابة إدارة ترامب لهذا الطلب ليست مضمونة، خاصة في ظل التزام ترامب السابق بسياسات الحمائية التجارية التي تهدف إلى حماية المصالح الأمريكية أولاً، وقد يتردد ترامب في تقديم تنازلات لبريطانيا خشية أن يثير ذلك استياء النقابات العمالية والقطاعات الصناعية الأمريكية التي تدعم سياساته.
بالإضافة إلى ذلك، فإن أي اتفاق بين البلدين قد يواجه انتقادات من الاتحاد الأوروبي، الذي قد يطالب بمعاملة مماثلة لصادرات الصلب الأوروبية إلى الولايات المتحدة، هذا الموقف قد يعقد المفاوضات التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل الخلافات القائمة حول بروتوكول إيرلندا الشمالية.