إسلام آباد – (رياليست عربي). اقترح مستشارون لقائد الجيش الباكستاني المارشال عاصم منير على المستثمرين الأميركيين المشاركة في تطوير وتشغيل ميناء أعماق في بلدة بَسني الساحلية، في خطوة قد تمنح الولايات المتحدة موطئ قدم في منطقة بحرية تُعد من الأكثر حساسية جيوسياسياً في العالم.
الخطة، التي اطلعت عليها صحيفة «فايننشال تايمز»، تتصور تحويل بلدة الصيد الصغيرة إلى محطة لتصدير المعادن الباكستانية الحيوية، مثل النحاس والأنتيمون. وتقع بَسني على بعد نحو 70 ميلاً فقط من ميناء جوادر الذي تدعمه الصين ضمن مبادرة «الحزام والطريق»، وعلى بعد 100 ميل من الحدود الإيرانية.
ورغم أن الفكرة لم تتحول بعد إلى سياسة رسمية، فإنها تعكس سعي إسلام آباد إلى استثمار التحولات الإقليمية وإعادة بناء علاقاتها مع واشنطن. ووفق التقرير، عُرض المقترح على منير قبل لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض الشهر الماضي، غير أن مسؤولاً أميركياً أكد أن الإدارة لم تناقشه رسمياً بعد.
وتشير مسودة الخطة إلى أن تكلفة مشروع بَسني قد تصل إلى 1.2 مليار دولار، بتمويل مشترك بين الحكومة الفدرالية الباكستانية ومؤسسات تمويل تنموي مدعومة أميركياً، على أن يتضمن المشروع شبكة سكك حديدية جديدة تربط الميناء بالمناطق الغربية الغنية بالمعادن. وجاء في الوثيقة أن «قرب بَسني من إيران وآسيا الوسطى يعزز خيارات الولايات المتحدة في مجالي التجارة والأمن»، مشيرة إلى أن الموقع قد يشكل توازناً استراتيجياً مع ميناء جوادر الصيني.
وأكد مستشارون مقربون من منير أن المشروع لا يتضمن أي «وجود عسكري مباشر» للولايات المتحدة، موضحين أنه يأتي ضمن استراتيجية أوسع لـ«تنويع العلاقات بعيداً عن الصين مع الحفاظ على الروابط التقليدية معها».
ويأتي هذا الانفتاح بعد تحسن ملحوظ في العلاقات بين منير وترامب، وصفه دبلوماسيون ممازحين بأنه «علاقة ودية خاصة». وقد توطدت العلاقة منذ أن أعلن ترامب في وقت سابق هذا العام وساطته في وقف إطلاق النار الذي أنهى أسوأ مواجهة بين باكستان والهند منذ عقود، وهي الخطوة التي حظيت بإشادة علنية من إسلام آباد وصلت إلى حد ترشيحه لجائزة نوبل للسلام.
وأبدت شركات أميركية اهتماماً متزايداً بالقطاع المعدني في باكستان. فقد وقّعت شركة U.S. Strategic Metals (USSM)، ومقرها ولاية ميزوري، مذكرة تفاهم في سبتمبر مع الهيئة الهندسية للجيش الباكستاني لتطوير قدرات التكرير والمعالجة. وأكد مديرها التجاري مايك هولومون علمه بمقترح بَسني، واصفاً المشروع بأنه «خطوة منطقية» نظراً لإمكانات الميناء ولقربه من منجم ريكو ديك للنحاس والذهب.
وفي الشهر الماضي، صدّرت باكستان أول شحنة تجريبية صغيرة — أقل من طنين — من المعادن الحيوية، بما في ذلك النحاس والأنتيمون والنيوديميوم، إلى شركة USSM، في ما وصفه المسؤولون بأنه بداية «مرحلة جديدة» من التعاون الاقتصادي بين باكستان والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن قطاع التعدين في باكستان لا يشكل سوى نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي ويواجه تحديات أمنية، يرى الخبراء أن مشروع الميناء المقترح بدعم أميركي يعكس إعادة تموضع استراتيجية لإسلام آباد. وقال حسين عبيدي، رئيس مجلس البحوث العلمية والصناعية الباكستاني: «إنها إعادة ضبط للعلاقة مع أميركا من خلال الاقتصاد، وليس فقط عبر التعاون الأمني التقليدي».






