سيول – (رياليست عربي). حذّر محللون من أن كوريا الجنوبية قد تواجه ضغوطاً متزايدة للانخراط في أي صراع محتمل حول تايوان، في ظل سعي الولايات المتحدة إلى تحميل حلفائها مسؤوليات أكبر في الدفاع عن ما يُعرف بـ«سلسلة الجزر الأولى» في غرب المحيط الهادئ.
وفي استراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة، شددت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على ضرورة الحفاظ على «توازن عسكري تقليدي ملائم» لردع أي عدوان، ولا سيما في محيط تايوان. وأكدت الوثيقة أن الولايات المتحدة ستبني قدرات قادرة على منع الهجمات على امتداد سلسلة الجزر الأولى — الممتدة من اليابان مروراً بتايوان والفلبين وصولاً إلى بورنيو — لكنها أوضحت في الوقت نفسه أن واشنطن «لا تستطيع، ولا ينبغي لها، أن تقوم بذلك وحدها».
وتدعو الاستراتيجية الحلفاء، ومن بينهم اليابان وكوريا الجنوبية، إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، وتوسيع إتاحة الموانئ والمنشآت العسكرية، والاستثمار في قدرات موجهة لردع الخصوم الإقليميين. وبالمقارنة مع استراتيجية عام 2022 في عهد الرئيس السابق جو بايدن، تمنح الوثيقة الجديدة وزناً أكبر لتقاسم الأعباء ومساهمات الحلفاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وفي موازاة ذلك، شجعت واشنطن سيول على تولي دور أكبر في ردع كوريا الشمالية. وأسفر لقاء قمة عقد في أكتوبر بين ترامب والرئيس الكوري الجنوبي لي جيه-ميونغ عن تعهدات بتحديث التحالف، شملت رفع الإنفاق الدفاعي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، واستكمال نقل السيطرة العملياتية في زمن الحرب إلى كوريا الجنوبية.
كما أعاد البيان المشترك للقمة التأكيد على أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وهي إشارة أججت الجدل داخل سيول حول مدى امتداد التزامات التحالف الأميركي–الكوري إلى ما وراء شبه الجزيرة الكورية.
وقال كانغ جون-يونغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية، إن الضغوط الأميركية قد تجعل من الصعب على كوريا الجنوبية البقاء على الحياد في حال حدوث أزمة تتعلق بتايوان. وحذّر من أن إعادة نشر قوات الولايات المتحدة المتمركزة في كوريا الجنوبية في مناطق أخرى قد تزيد مخاطر سوء التقدير من جانب بيونغ يانغ، بما قد يفتح الباب أمام أزمة على جبهتين.
الرئيس لي تعهد باتباع سياسة خارجية «براغماتية» تعطي الأولوية للتحالف مع الولايات المتحدة مع إدارة دقيقة للعلاقات مع الصين وروسيا. وحتى الآن، تجنبت سيول تبني مواقف صريحة بشأن سيناريوهات تتعلق بتايوان، على عكس اليابان التي حذرت قيادتها علناً من أن أي صراع هناك قد يهدد بقاء الدولة.
لكن محللين يرون أن الحياد قد يكون صعب الاستمرار إذا تصاعدت الأزمة. وقال كولين كوه من كلية راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة إن «كوريا الجنوبية قد تجد نفسها منخرطة إلى جانب الولايات المتحدة حتى لو أعلنت أنها لا تريد المشاركة في نزاع حول تايوان»، مشيراً إلى مصلحة سيول في حماية خطوط الملاحة البحرية الحيوية.
كما زادت موافقة واشنطن على دعم خطة كوريا الجنوبية لتطوير غواصات تعمل بالطاقة النووية من تعقيد المشهد. فبينما تصر سيول على أن المشروع موجه لمراقبة تهديدات كوريا الشمالية، ألمح مسؤولون أميركيون إلى أن هذه الغواصات قد تُستخدم في إطار جهود دفاع جماعي أوسع، بما في ذلك مواجهة الصين.
ويرجح خبراء أن تواصل كوريا الجنوبية سياسة التوازن الحذر. وقال أندرو يو من معهد بروكينغز إن «واشنطن باتت تنظر إلى أمن المنطقة باعتباره مترابطاً». وأضاف: «أولوية سيول تبقى شبه الجزيرة الكورية، لكن تحديث التحالف يعني أنها لا تستطيع تجاهل احتمال استخدام قدراتها في سيناريو إقليمي أوسع».






