الرياض – (رياليست عربي): تشهد دول الخليج العربي هذه الأيام حراكاً دبلوماسياً مكثفاً مع زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية بين واشنطن وحلفائها التقليديين في المنطقة.
وتأتي هذه الجولة في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية كبرى، حيث يسعى ترامب إلى استعادة النفوذ الأمريكي عبر حزمة من الاتفاقيات الاستراتيجية التي قد تغير خريطة التحالفات في الشرق الأوسط.
تركز الزيارة على محورين رئيسيين: تعزيز التعاون في مجال الطاقة والأمن، وبناء تحالفات اقتصادية جديدة، وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية ترامب لتعويض التراجع النسبي للنفوذ الأمريكي في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع صعود قوى إقليمية ودولية أخرى مثل الصين وروسيا، وتشير التقديرات إلى أن الصفقات المطروحة تشمل مشاريع استثمارية ضخمة في البنية التحتية والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكري والتكنولوجي.
في الجانب الاقتصادي، تبدو دول الخليج مستعدة لاستثمارات أمريكية جديدة، خاصة في مجالات التكنولوجيا والتحول الرقمي. لكن هذه المفاوضات تواجه تحدياً رئيسياً يتمثل في المنافسة الصينية الشرسة، حيث أصبحت بكين شريكاً اقتصادياً أساسياً للعديد من دول المنطقة، من ناحية أخرى، يبدو أن ترامب يحاول استغلال علاقاته الشخصية مع بعض القادة الخليجيين لدفع هذه الصفقات، مستفيداً من شبكة العلاقات التي بنها خلال فترة رئاسته.
على الصعيد الأمني، تأتي الزيارة في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعداً في التوترات، خاصة مع الملف النووي الإيراني وتصاعد النشاط العسكري في البحر الأحمر، وتظهر الوثائق أن المحادثات تركز على تحديث التحالفات الدفاعية ومواجهة التهديدات المشتركة، مع إمكانية توقيع اتفاقيات جديدة لبيع الأسلحة المتطورة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير حفيظة بعض الأطراف الإقليمية، خاصة إيران التي ترى في هذه التحركات محاولة لاحتواء نفوذها.
من الناحية السياسية، تحمل الزيارة دلالات مهمة على المستوى الداخلي الأمريكي أيضاً. إذ يسعى ترامب من خلالها إلى تعزيز صورته كرجل دولة قادر على حماية المصالح الأمريكية في الخارج، في إطار استعداداته المحتملة للانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن النقاد يشيرون إلى أن هذه الزيارة قد تفتقر إلى الغطاء المؤسسي الكامل، نظراً لكونه شخصية غير حكومية حالياً.
بالتالي، تمثل جولة ترامب الخليجية محاولة لإعادة رسم التحالفات الإقليمية وفق رؤية أمريكية جديدة، بينما تظهر دول المنطقة ترحيباً حذراً بهذه المبادرات، يبقى السؤال الأكبر حول قدرة هذه الصفقات على تحقيق الاستقرار في منطقة تعاني من انقسامات عميقة وتنافسات إقليمية ودولية حادة، النتائج الفعلية لهذه الزيارة ستتحدد بمدى قدرة ترامب على تحويل الوعود إلى اتفاقات ملموسة، وقدرة الأطراف المختلفة على تحقيق توازن دقيق بين المصالح المتعارضة.