دمشق – (رياليست عربي): ما يحدث اليوم في سورية يتجاوز بكثير حدود الصراع والنزاع الأهلي. إنه يعكس جريمة ممنهجة تهدف إلى تمزيق الجغرافيا وتدمير أسس التعايش، حتى في إطار الفدرلة أو التقسيم. يجب أن ندرك تمامًا أن هناك مشروعًا أيديولوجيًا يسعى لفرض واقع جديد بعيد عن ثقافتنا، وهذا المشروع يتجلى بشكل تدريجي وسريع، مما ينجم عنه نتائج كارثية على المستويين القصير والطويل.
لقد أصبحت سورية اليوم تمثل “جمهورية المظلوميات”، حيث تلاشت المشتركات بين مكوناتها. إن ما تم ممارسته من قِبل النظام السابق على مدى عقود، قد زاد من تعقيد الأمور في الآونة الأخيرة، مما ينذر بخطر كبير يتمثل في غياب الجغرافيا الجامعة لهذا الوطن، وانعدام حالة التعايش بين أبناء المكون الواحد، حيث أصبحت الانقسامات بينهم أكثر وضوحًا.
منذ سقوط النظام، واجه الشعب الأحداث بحالة من الذهول والفرح، بينما سارع البعض الذين كانوا يقظين لتقديم مشاريع وطنية للإدارة الجديدة. لكن، للأسف، تم رفض جميع الأوراق الوطنية المقدمة، وخاصة تلك التي تتناول أهمية بناء الهوية الوطنية الجامعة، لأنها تمثل صمام الأمان لبناء الوطن ورافعة حقيقية للنهوض به.
لا أريد الإطالة، لكن يجب أن نكون واقعيين؛ إذا كانت هذه السلطة أمر واقع مدعوم دوليًا، فعلينا أن نكون حالة وطنية تعكس الواقع بغطاء شعبي. لا يكفي أن تبقى همومنا وأفكارنا محصورة في اجتماعات إلكترونية أو محادثات ضمن مجموعات. يجب علينا اليوم أن نشكل رأيًا واقعيًا نفرضه كأمر واقع.
الوطن وأهلنا جميعًا في حالة حرجة جدًا، وإذا لم يتم التدخل في الوقت المناسب، فلن نجد أنفسنا إلا في مجالس عزاء لوطن اسمه سورية. لذا، فلنجتمع جميعًا، ولنبنِ صوتًا واحدًا من أجل مستقبل أفضل لوطننا، ولنقف معًا في مواجهة التحديات التي تهدد وجودنا وهويتنا.*
هذا رأيي الذي صغته بأمانة أخلاقية ووطنية، ودون مواربة لأي شخص أو سلطة. سورية فوق الجميع، شاء من شاء وأبى من أبى.
خاص وكالة رياليست – د. ياسين العلي – خبير اقتصادي وناشط سياسي – سوريا.