موسكو – (رياليست عربي): في خضم الكباش السياسي بين روسيا والولايات المتحدة متمثلاً بالملف الأوكراني، والتهديدات التي يطلقها الجانبين عبر التوسع العسكري والجيو – سياسي في أوروبا الشرقية، تطرأ ملفات أخرى في المنطقة، على ما يبدو أنها مرتبطة بشكل ما بملف أوكرانيا.
فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي حول نتائج عمل الدبلوماسية الروسية في عام 2021، أن الاتصالات التي تجريها موسكو مع أكراد سوريا تهدف إلى إقناعهم بإطلاق حوار جاد مع حكومة دمشق بدلاً عن التعويل على دعم الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن هناك بعض التحفظ لدى الحكومة السورية إزاء الأكراد، كما شدد أنه يجب اعتماد دبلوماسية تجاوز الماضي وإقامة علاقات للمستقبل، ويمكن الاستفادة من التجربة العراقية في ذلك.
اللافت في تصريحات لافروف هو أولاً تزامن حديثه عن مساعي موسكو في دفع الأكراد نحو دمشق، بالتزامن مع التوتر الروسي – الأمريكي الأخير، لا سيما وأن الأكراد يرون في واشنطن داعماً وحامياً لهم، لكن الأكثر أهمية فيما قاله الوزير الروسي هو الاستفادة من تجربة العراق، و ما كشفه من مساعي روسية لتكثيف الاتصالات بين أكراد سوريا والعراق كي يستفيد الكرد السوريين من تجربة إخوانهم.
قد يُفهم من كلام لافروف أنه بدأ بالتلويح بورقة الفيدرالية واللامركزية في سوريا وهي ما تثير شهية حزب الاتحاد الديمقراطي وتنظيم قسد هناك، إذ أنهم يعملون لأجل الحفاظ على إدارتهم الذاتية وحكمهم لشرق الفرات، لكن التفاصيل تبقى عالقة، لا سيما فيما يتعلق بالاستفادة من النفط والمحاصيل الزراعية كالقمح والقطن، فضلاً عن انضواء قسد كتشكيل مسلح تحت مظلة الجيش السوري، وسيكون ذلك سابقة في تاريخ سوريا، كون هذا الجيش لم يضم في تاريخه كتائباً وألوية ذات لون عرقي أو طائفي واحد، وهي أحد المعوقات التي تمنع تقارب قسد مع الحكومة السورية.
أيضاً فإن التنافس المتزايد بين روسيا وأمريكا، سيؤثر بلا شك على مسار الملف السوري لجهة مفاوضات الأكراد مع الحكومة السورية، إذ عادت واشنطن لتعلن نيتها البقاء وتعزيز مواقعها، بعد أن كانت نيتها عن الانسحاب، وهذا الإعلان جعل الأكراد يهرولون نحو موسكو من أجل التفاوض مع دمشق، لكن سرعان ما هدأ ذلك بعد عزوف أمريكا عن الانسحاب، وهذا قد يشير إلى عزم الولايات المتحدة البقاء هناك للفترة القادمة من أجل منع الأكراد من التفاوض مع دمشق وعدم إعطاءهم سبباً للتقرب من موسكو، وهو ما دفع الأخيرة لتلوح بورقة التجربة العراقية أي أقليم كردستان، وذلك في مناورة سياسية روسية ضد واشنطن .
خاص وكالة رياليست.
