أجرى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إتصالاً هاتفياً لبحث عدد من القضايا تتقدمها مسألة التوتر في شرق البحر الأبيض المتوسط، ونشرت الرئاسة التركية بيانا حول الاتصال الهاتفي الذي قالت إنه جرى بطلب من الرئيس الفرنسي، حيث قال أردوغان إن “سبب التوتر الحقيقي في شرق المتوسط هو تجاهل الحقوق المشروعة لتركيا والقبارصة الأتراك”. طبقاً لموقع قناة “سي أن أن عربية“.
وقال أردوغان وفقاً لبيان الرئاسة التركية إنه “لا يستطيع فهم دعم فرنسا للمزاعم والخطوات المتطرفة لليونان والجانب اليوناني القبرصي التي تصعد التوتر” على حد تعبيره، مؤكداً على أن بلاده “ليس لها مطامع في حقوق أحد لكنها في الوقت نفسه لن تسمح لأحد بالاستيلاء على حقوقها”، لافتاً إلى “ضرورة الإستفادة من الدبلوماسية وتنفيذ عمليات التفاوض المستدامة من أجل خفض التصعيد”.
ما سرّ التحول التركي؟
إن موعد القمة الأوروبية اليوم 24 سبتمبر/أيلول، أي اليوم، أجبر رجب طيب أردوغان إلى إستمالة باريس رغم الحالة العدائية التي تشكلت بينهما والتي بدأت تتكشف جلياً في الملف الليبي، وإكتمل الأمر مع أزمة شرق المتوسط التي أوصلت الأمر إلى حد صعب بين الجانب الأوروبي وتركيا عموماً والفرنسي على وجه الخصوص، فلقد كانت تصريحات جان إيف لودريان وزير الخارجية الفرنسية واضحة بخصوص فرض العقوبات في القمة الأوروبية، فهل ستذعن أوروبا ومعها فرنسا لهذه الإستدارة التركية؟
من المؤكد أن أنقرة مصممة على إعادة تفعيل الجهود الدبلوماسية لتتجنب العقوبات الأوروبية والتي ستلقي بتأثيراتها على الداخل التركي دون أدنى شك، فهذا التنازل التركي بأن الأمور قد تعطي فرصة للجهود الدبلوماسية لكن لن يتبين ذلك إلا بحسب البيان الختامي لتلك القمة.
لماذا أعادت أنقرة سفينة التنقيب بعد أن سحبتها؟
تريد تركيا أن تري الغرب بأنها قادرة على إحداث فرق، فلقد أعلن الساسة الأتراك ومن بينهم أردوغان نفسه عن أن سحب سفينة التنقيب جاء لإعطاء الدبلوماسية فرصة إمكانية الحل، وإتصال أردوغان بماكرون خير دليل على أسلوب المراوغة التركي المتبع كان ولا زال مع روسيا في الملف السوري، إلا أن الخطر المحدق بالوضع التركي خاصة على صعيد الداخل والتأثيرات المرتبطة في حال فرض أية عقوبات في وقت يعاني الاقتصاد التركي من تدني في قيمة الليرة التركية، وما زاد الأمر سوءاً الاتفاق النفطي الليبي الأخير، والذي قد يفضي إذا تم نجاحه وعدم قدرة إختراقه وإفشاله إلى نجاح سياسي، ورغم مباركة تركيا وقبوله على مضض لكنه سيؤثر حتماً على الأرباح التي كانت تجنيها من تحالفاتها مع حكومة الوفاق بموجب الإتفاقيات المبرمة معها، لتأتي العقوبات الأوروبية وتجهز على كل ما بنته الإدارة التركية طيلة كل ما سبق من تدخلاتها في عدة ملفات إقليمية.
من هنا، إن اليوم يمكن أن تنجح السياسة التركية في تحديها لكل من يعترضها، أو تنجح أوروبا في ضبط عقارب الساعة التركية على توقيت باريس، وإن حدث وظفرت أنقرة، فهذا يعني الإنتقال إلى مستوىً جديد من الإستمرار في المشروع الذي يحيي أمجاد السلطنة العثمانية، سواء أعجب أوروبا أم لا، فإتصال أردوغان خدمةً لهذا المشروع لن يُعتبر تنازلاً بقدر ما هو مناورة معتادة من جانب أردوغان.
فريق عمل “رياليست”.