قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إن روسيا وتركيا علّقتا الدوريات المشتركة على الطريق الدولي “إم -4″، في سوريا لأسباب أمنية، وستستأنفان تلك الدوريات فور هدوء الوضع هناك، إضافة إلى تطرقه كل من الملف الليبي، والعقوبات الأمريكية على موسكو، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
هل أعادت إدلب التنسيق مجدداً بين أنقرة وموسكو؟
إن تصريح لافروف حول إستئناف تسيير الدوريات الروسية مجدداً مع تركيا على الطريق الدولي “إم -4” أمر بعيد المنال، وليس من المتوقع إعادة التسيير على المدى المنظور، وفقاً للتطورات الميدانية الأخيرة، فمن جهة تتحدث أوساط إعلامية عن إدخال القوات التركية لمزيد من العتاد العسكري إلى الشمال السوري ومن بينها أسلحة نوعية، ما يعني أن الأمور ذاهبة بإتجاه التصعيد، إضافة إلى عددٍ من الطلعات الجوية الروسية وقصف غير مسبوق لمواقع ومقار الإرهابيين وخاصة “جبهة النصرة”، في محيط إدلب، ورد القوات التركية والمرتزقة بالمثل على مواقع للجيش السوري خاصة تلك الواقعة على مقربة من نقاط المراقبة التركية غير الشرعية، التي طالب الوفد الروسي في لقاء أنقرة الأخير، من شريطته تركيا إغلاقها، الأمر الذي قوبل بالرفض من الجانب التركي.
فهذا الكلام بعيد عن الواقع في المرحلة الحالية، وسط ضبابية وتعقيد في مشهد الملف السوري، وذاته لافروف قبل أيام صرّح بأن من يعتقد أن سوريا تعتمد على الحل العسكري في ادلب فهو مخطئ، في إشارة إلى إعتماد السياسة الروسية للحل السياسي، الذي لم يلقَ ترحيباً من الشريك التركي، ما يضع تصريحات وزير الخارجية موضع تناقض، أو تصريحات لا يريد البوح لوسائل الإعلام بحقيقة الوضع وما يحدث بين موسكو وأنقرة.
هل من رابط روسي – تركي في ليبيا؟
ذكر لافروف أن أي وقف لإطلاق النار في ليبيا يجب أن يتم بتوافق طرفي الصراع، فمع الاتفاق الأخير بين نائب رئيس الوزراء أحمد معيتيق في حكومة الوفاق والقيادة الشرقية في ليبيا، وإستئناف عودة إنتاج النفط، قطع الطريق إلى حد ما على التدخلات الخارجية، رغم إعتراف الطرفين بأن بعض المواقع واقعة تحت سيطرة مرتزقة أجانب وآخرين من الإرهابيين كحقل الشرارة الذي تحرر ومن ثم سيطر عليه المسلحين، ليعود مجدداً تحت سيطرة قوات الوفاق، ما يعني أن إتفاق مونتير في سويسرا والمغرب أثمر وسيبدأ القطاف مطلع الأسبوع القادم، وهذا الأمر رغم أن تركيا باركته لكن على مضض، ما يعني فقدانها للسبب الأساس التي دخلت ليبيا لأجله، فلقد كان الجنرال خليفة حفتر واضحاً عندما إشترط تقسيم العائدات والأرباح النفطية بالعدل، ما يعني أن التفاهمات ستتطور وحتماً سيكون للجانب العسكري نصيب منها.
لماذا دائماً تبحث أنقرة مع موسكو الملف الليبي، رغم أن الأخيرة لا وجود حقيقي لها في ليبيا؟
بعد التطورات الأخيرة في ليبيا، وكعادة تركيا عندما تستشعر الخطر والبدء بالخسارة تلجأ إلى الشريك الروسي لبحث التطورات وإيجاد ثغرات معينة تستطيع منها الولوج مجدداً لإعادة التموضع، لكن يبدو أن هذه الجزئية لن تتحقق بعد أن وضعت أنقرة نفسها في عزلة دولية، وزجها بروسيا في الملف الليبي أحد المحاولات لصرف النظر عنها وتوجيهه إلى موسكو لتستطيع التصرف وإيجاد مدخل آخر، في ضوء خسارتها للسراج إذا بقي مصراً على استقالته.
وأما مسألة فرض عقوبات أمريكية على روسيا لشراكتها مع إيران، فلقد إعتبر لافروف أن ذلك غير قانوني ومخالف للقوانين الدولية، لكن هذا الأمر لن يثني واشنطن عن الإستمرار بالضغط على روسيا بحجة إيران وغيرها، وإن لم تكن إيران موجود ستجد الإدارة الأمريكية أسباباً أخرى، كمسألة المعارض نافالني على سبيل المثال، والأزمة السورية، وربما تستخدم الملف الليبي وتقارير قوات أفريكوم، فلديها الكثير من الأمور التي تستطيع بها الضغط على موسكو، ورأينا ذلك في حربها مع الصين وآخر تطوراتها حول إغلاق السفارات والقنصليات وما شابه ذلك.
من هنا، إن الموقف الروسي في سوريا يؤكد على أنه يجب إنهاء ملف الشمال السوري، والمفاوضات مع تركيا لن تنهيه، ويجب أن تكون موسكو حازمة مع شريكتها لأن الإستثمارات وإعادة الإعمار مرتبطة بطريقة أو بأخرى في هذا الملف، وحجم الإستثمارات الروسية أصبح كبيراً جداً، ولتستطيع الإستفادة هي المتضرر الأول قبل سوريا من إستمرار التصعيد في هذا الملف، وإلا سيبقى الوضع على حاله، إلى أن يتم قرار الحل العسكري، والذي تعتبره روسيا آخر الحلول، أما على الساحة الليبية، ورغم المعلومات التي تتحدث عن دعم موسكو لقوات حفتر، لكن لم يتم ذكر شركة نفط روسية من بين الشركات التي ستتولى هذه المهمة والتي في غالبيتها تعود للدول الأوروبية ما يعني أن لا دور فعلي وحقيقي لموسكو في ليبيا، ويبقى الرهان عند الإعتراف بحكومة شرق ليبيا ودخول روسيا من بوابة شرعية وقانونية كما فعلت تركيا، وإلى أن يتحقق ذلك لا جديد تضيفه تصريحات لافروف أو غيره في هذا الملف.
فريق عمل “رياليست”.