تقدمت مصر بطلب لعقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا، ويأتي الطلب المصري، بعد نجاح الأجهزة في مصر بتحرير وإعادة 23 مواطنا احتجزتهم إحدى الميليشيات بمدينة ترهونة الليبية، في فترة لم تتجاوز الـ72 ساعة من انتشار فيديو يوثق تعذيبهم على أيدي الميليشيات، طبقاً لقناة “سكاي نيوز عربية“.
إن التطورات الحاصلة في ليبيا، خلقت ظروفاً مستجدة، فعّلت الدور العربي على إثرها مجدداً، إلا أن الملفين السوري والليبي، هما الأخطر على الصعيد الإقليمي، ليأتي الملف اليمني بالمرتبة الثالثة، نظراً، لتحديد الدول الضالعة فيه بشكل مستقل عن باقي البلاد العربية، إذ أن مصر تنظر في العمق إلى القضايا الجوهرية، خاصة تلك التي على تماس مباشر مع حدودها البرية والبحرية، ما يعني أن الأمن القومي المصري، ضرورة وليس حاجة، وتأمينه واجب على عاتق المسؤولين في مصر.
يأتي الطلب المصري، في وقت إستطاعت تركيا فيه أن تعمل على ثلاث جبهات معاً، فلقد قصفت أهدافاً في شمال العراق، وفي آخر الأخبار الواردة، تقوم قواتها الموجودة في سوريا، بقصف أهداف مدنية في عدد من قرى ريف حلب شمال غرب سوريا، فضلاً عن وجودها بقوة على الساحة الليبية، ما يعني أن الوجود التركي أصبح يشكل خطراً كبيراً على الشرق الأوسط عموماً، وعلى الوطن العربي بشكل خاص، حيث أن تركيا دولة عضو في حلف شمال الأطلسي – الناتو، فضلاً عن أنها تملك تحالف قوي مع الولايات المتحدة الأمريكية وأيضاً روسيا، علاقات لا بأس بها مع دول الإتحاد الأوروبي، فهذه التشابكات، منحت أنقرة ضوءاً أخضر، أشرنا إليه في مواضع عدّة، ما يعني أن التحرك العربي في مواجهة ذلك بات ضرورة أكثر من أي وقت مضى.
إن تطورات الأوضاع على الساحة الليبية، خاصة لجهة أعمال العنف الحاصلة من جانب المرتزقة الذين جلبهم نظام “أنقرة” وعمليات الخطف الكثيرة، ومن بينها القصة التي أحدثت ضجة إعلامية كبيرة وهي خطف عالم الاجتماع الروسي “مكسيم شوغالي” وفريقه وإعتقاله في سجن بعتيقة، الواقع تحت سيطرة حكومة الوفاق الليبية، وغير ذلك الكثير، فعودة مصر إلى الدور الريادي الإقليمي، ضرورة عربية، وليس فقط ضرورة مصرية، فأن يكون لتركيا القدرة على التواجد في ثلاث دول عربية معاً دون رقيب أو حسيب، يحتاج إلى تفعيل كل الجهود لتغيير هذا الواقع، وليس أفضل من مصر في أن تترأس هذا الأمر نظراً لقدرتها ولوجود مسؤولين لهم باع طويل في إدارة ملفات حساسة، سياسياً وعسكرياً.
من هنا، إن الوجود التركي، مرتبط بموافقة قوى عظمى على السماح لها بالقيام بما تقوم به، وهذا يبعث على أن تقوم الدول العربية وفي مقدمتها مصر، بالنظر مجدداً إلى التحالفات الكبرى مع تلك القوى، والضغط عليها من هذا من باب التحالفات الإستراتيجية، من خلال الضغط عليهم بملفات معينة، خاصة وأن لمصر أوراق قوة كثيرة، وهذا ما يفسر دخول الولايات المتحدة على مفاوضات سد النهضة، وموضوع سيناء والعمليات الإرهابية، لتكون مصر قد علمت جيداً، أنها بحاجة إلى ملفات مضادة تستطيع من خلالها الضغط بما يضمن إعادة دورها الريادي وإعادة تسلمها لزمام مبادرة الملفات من باب القوة الإقليمية الأولى في الشرق الأوسط.
فريق عمل “رياليست”.