موسكو – (رياليست عربي): على الرغم من العقوبات الغربية المشددة، حافظت روسيا على مكانتها كواحدة من أكبر خمسة مصدرين للأسلحة في العالم خلال العام 2024، وفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) تشير البيانات إلى أن صادرات الأسلحة الروسية شهدت تراجعاً نسبياً بنسبة 11% مقارنة بعام 2023، إلا أنها تمكنت من الحفاظ على حصة سوقية تبلغ حوالي 16% من إجمالي التجارة العالمية في الأسلحة.
تستمد روسيا قوتها في سوق التسلح العالمي من عدة عوامل رئيسية، أهمها الأسعار التنافسية مقارنة بنظيراتها الغربية، ومرونة أنظمة الدفع التي تتجنب الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى سمعة المعدات العسكرية الروسية بالمتانة والقدرة على العمل في ظروف قاسية. وتشكل أنظمة الدفاع الجوي مثل S-400، والمقاتلات من طراز Su-35، والمروحيات الهجومية من نوع Mi-35، العمود الفقري للصادرات العسكرية الروسية.
الأسواق التقليدية للأسلحة الروسية تشمل الهند التي تمثل 35% من إجمالي الصادرات، تليها الصين بنسبة 12%، ثم الجزائر ومصر وفيتنام.، كما نجحت موسكو في السنوات الأخيرة في تعزيز تواجدها في أسواق جديدة مثل تركيا التي حصلت على نظام S-400 رغم معارضة حلف الناتو، وإندونيسيا التي وقعت مؤخراً صفقة لشراء مقاتلات Su-35.
من الناحية التكنولوجية، تواصل روسيا تطوير جيل جديد من الأسلحة المتطورة مثل منظومة الدفاع الجوي S-500، والمقاتلة الجيل الخامس Su-57، بالإضافة إلى أنظمة الحرب الإلكترونية المتطورة. هذه التطورات تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية للصناعة العسكرية الروسية في مواجهة المنافسة الشرسة من الولايات المتحدة وأوروبا.
على الصعيد الاقتصادي، تشكل صادرات الأسلحة أحد أهم مصادر الدخل بالعملة الصعبة لروسيا، حيث تقدر إيراداتها السنوية من هذه الصادرات بحوالي 15 مليار دولار. وتلعب هذه الصناعة دوراً حيوياً في الحفاظ على مئات الآلاف من الوظائف في ظل الاقتصاد الروسي الذي يعاني من آثار العقوبات الغربية.
ومع ذلك، تواجه الصناعة العسكرية الروسية تحديات جسيمة بسبب العقوبات التي تستهدف بشكل خاص قطاع التسلح. تقارير غربية تشير إلى صعوبات تواجهها بعض الشركات الروسية في الحصول على مكونات إلكترونية متطورة، مما قد يؤثر على جودة وقدرات بعض الأنظمة الأسلحة المصدرة.
في السياق الجيوسياسي، تبقى صادرات الأسلحة أداة مهمة للنفوذ الروسي على الساحة الدولية. من خلال هذه الصفقات، تمكنت موسكو من تعزيز تحالفاتها الاستراتيجية مع دول مهمة في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، مما يساعدها على تجاوز العزلة الدبلوماسية التي تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها لفرضها.
المستقبل يبقى تحديًا للصناعة العسكرية الروسية في ظل المنافسة المتزايدة من الصين التي تطور بسرعة قدراتها في هذا المجال، واستمرار الضغوط الغربية، ومع ذلك، تشير معظم التقديرات إلى أن روسيا ستظل لاعباً رئيسياً في سوق الأسلحة العالمية خلال السنوات القادمة، مستفيدة من علاقاتها التاريخية مع العديد من الدول وسمعة أسلحتها التي تم اختبارها في ساحات القتال الفعلية.