أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، الذي انتخب خلال ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف في الخامس من فبراير/ شباط الجاري، أن لديه خياران في عملية اختيار شكل حكومته، مشيراً إلى أن عدم توافق مجلس النواب قد يدفعه لاعتماد الخيار الثاني. وقال الدبيبة في تغريدة له على “تويتر”: “لدينا خياران في عملية اختيار شكل الحكومة، وعدم توافق النواب قد يدفعنا لاعتماد الخيار الثاني”، طبقاً لوكالات أنباء.
وتعتبر هذه أول تصريحات للدبيبة تشير إلى خلافات بشأن التوافق على حكومة موحدة تقود ليبيا في مرحلة انتقالية تؤدي الى انتخابات رئاسية وتشريعية.
نفاذ الوقت
مما لا شك فيه أن رئيس الحكومة الانتقالية الجديدة يحاول بشتى السُبل والوسائل إنهاء الانقسام السياسي الذي يعكر صفو الوحدة الوطنية من أجل اختيار الأشخاص الأكفأ على مستوى البلاد، على أن تشمل غرب وشرق وجنوب ليبيا لجهة التوزيع العادل، لكن كما توقع كثير من المراقبين للشأن الليبي، بأن مهمة الدبيبة ليست باليسيرة، لأن الوضع هذا يحتاج إلى نيل ثقة مجلس النواب، حيث الأخير يعاني هو ذاته من الانقسامات، لأن النواب يربطون بين مسألة منح الثقة للحكومة وترتيب أو تصحيح وضع المجلس وتغيير رئاسته وتغيير اللائحة الداخلية، وهذه الأمور حكماً ليست في صالح الدبيبة لأن الوقت الذي يملكه بطبيعة الحال قليل.
الواضح، أن ما يحدث داخل مجلس النواب الليبي، أمر يمكن وصفه بالتعطيل، لأن مسألة ترتيب البرلمان مسألة لا يجب ربطها بمنح الثقة للحكومة وإلا إن الظاهر من هذا الأمر هو وجود أشخاص من داخل البرلمان تريد تعطيل هذا الأمر، لكن ولأن الوقت قصير، ربطاً مع انتخابات 34 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، من الممكن أن يلجأ رئيس الحكومة الانتقالية إلى ملتقى الحوار الوطني مرة أخرى لأجل هذه الغاية، وهنا قد تتدخل الأمم المتحدة مرة أخرى، وبالتالي، تذهب الأمور إلى تعطيل من نوعٍ جديد، خاصة وأن كثير من الشعب الليبي لم يرقه التدخل الأممي الأخير حتى وإن بدا أنه في صالح الدولة الليبية، لكن أمام الدبيبة وقت قليل، وبالتالي خيارين لا ثالث لهما.
الخيار الثاني
إن نيل الحكومة الجديدة لثقة الحكومة هو الأمر الطبيعي والقانوني أن تخرج من تحت قبته، وبما أن قبة البرلمان منقسمة أو تعاني فوضى ما، فالواضح أن الذهاب نحو خيار الملتقى الوطني الليبي، سيكون الغالب، وبالتالي الحقائب الممنوحة للحكومة الجديدة يجب أن تراعي المحاصصة المناطقية أو الجغرافية لليبيا، لكن الأمر وإن كان عنوانه منح الثقة وأن الدبيبة سيذهب باتجاه الخيار الثاني، لكن إن سار فيه منفرداً، هذا من شأن أن يزيد الانقسامات السياسية بدلاً من حلحلتها، فالأسلم هو إعطاء بعض الوقت لمجلس النواب لترتيب بيته الداخلي، فإن تأخر أو تذرع بحجج ما، حينها من الطبيعي والمناسب لجوء رئيس الحكومة الانتقالية إلى هذا الخيار.
أخيراً، يبدو أن الانقسام السياسي هو العنوان والسمة الغالبة على المشهد الليبي، فلا يمكن التعويل على حكومة انتقالية رأت النور وسط ظروف وأوضاع متعثرة، فلا يمكن لها أن تضع حلولاً سحرياً لأزمة تجاوزت العشر سنوات، وبالتالي، هذه الحكومة هي حكومة مد وجزر لن تستطيع تغيير واقع اعتاد عليه الأفرقاء السياسيين، ولا يمكن لأي فريق أن يقدم تنازلات ما لم تقدم الأطراف الأخرى، فإن استطاع الدبيبة تغيير هذا الواقع فمسألة النهوض بليبيا فعلاً حقيقية، وإن لم يستطع، ستعود الفوضى لتكون المشهد الاساسي في عموم ليبيا.
فريق عمل “رياليست”.