طرابلس – (رياليست عربي): لا تزال السلطة الليبية بشقيها (المجلس الرئاسي والحكومة) تتخبط في إجراءاتها، ولم تحسم أي من الملفات التي يجب أن تنهيها، خلال فترة 9 شهور هي كل عمرها قبل ديسمبر/كانون الأول القادم، موعد الانتخابات الليبية البرلمانية والرئاسية.
ورغم مرور حوالي 4 أشهر من عمر هذه الحكومة إلا أن محصلة عملها، لم تكن في مستوى الطموح الدولي الذي عٌقد على هذه الحكومة، فحتى الآن لم تعتمد آلية واضحة لانتخابات 24 ديسمبر/كانون الأول التي تشكل المهمة الرئيسية للسلطة التنفيذية الجديدة، المكلفة بإنجازها.
ووفق مراقبون، فإن رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، وبعض التيارات ذات التوجه الإسلامي، تسعى لعدم إيجاد قاعدة دستورية التي ستجرى على أساسها الانتخابات، مما سيؤثر تلقائياً على التزام الحكومة بإجرائها في موعدها، وبالتالي تأجيلها والتمديد للسلطة الحالية، كما حدث سابقاً مع المؤتمر الوطني.
ويرى المراقبون في تصريحات لوكالة (رياليست)، بأن موافقة حكومة الوحدة للانتخابات في موعدها سيحولها إلى حكومة تصريف أعمال، لذلك فأمام رئيس الحكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة ووزرائه تحدٍّ حقيقي للنجاح في أهم مهام هذه الحكومة بحسب اتفاق جنيف.
وبحسب الأولويات التي تعهد بها رئيس الحكومة، ولم يتم تحقيق مُنجز واضح بها، هي مكافحة “فيروس كورونا”، وهو أول ملف فتحه الدبيبة عقب حصوله على ثقة البرلمان في 10 مارس/آذار الماضي، ومع هذا فلم تحقق الحكومة أي اجراءات واضحة بشأن هذا الملف، فلا تزال مناطق كثيرة في الشرق والجنوب، لم تصلها اللقاحات، كما أن مراكز العزل شهدت كوارث كثيرة، مثل انقطاع الأكسجين، وعدم وجود أماكن شاغرة للمرضى، وقد اعترف الدبيبة شخصياً بفشله في هذا الملف بقوله “لم نفعل شيئاً لمواجهة الوباء، الجهود كثيرة، والنتائج صفر، وصرفنا مبالغ كبيرة”.
ويرى المراقبون بأن مسألة توحيد المؤسسات السيادية، مثل البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، ربما تظهر للمتابع نجاح الحكومة في هذا الأمر، غير أن الذي حدث هو تقريب وجهات النظر، بسبب تمسك المجتمع الدولي بسلامة هذه المؤسسات، حرصاً على مصالح بعض الدول الكُبرى.
ويأتي ملف آخر أكثر اهمية، ولا تزال السلطة الجديدة تنظر له على أنه مجرد ملف يُمكن التعامل معه بأي طريقة، وهو ملف المصالحة الوطنية، واعترف رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بفشلهم في هذا الملف، حين صرح بمدينة طبرق بأن “المصالحة النهائية لا يمكننا بلوغها نهاية العام”، مشيراً إلى أنه “إذا استطعنا أن نكون نواة لهذه المصالحة فسنصل جميعاً إلى الانتخابات”.
وأشار المراقبون بأن مسألة المصالحة الوطنية، أمامها حجر عثرة كبير جداً، لن تتم إلا بإزالته من هذا المسار، وهذه العثرة تتمثل في تمسك ميليشيات مصراته، بعدم عودة أهالي تاورغاء لمدينتهم، وكذلك تمسك التيارات المتشددة في الزاوية، بعدم الإفراج عن مئات المعتقلين على الهوية في سجون ميليشيات طرابلس والزاوية.
وأوضح المراقبون بأن الملف الأكثر أهمية، هو ملف توحيد الجيش وهو يمثل إحدى المهمات الرئيسية للمجلس الرئاسي الجديد باعتباره القائد الأعلى للجيش، وأيضاً لرئيس حكومة الوحدة بصفته وزيراً للدفاع، وأمامهما مشكلة كبيرة قبل هذه الخطوة، لم يتخذا بشأنها أي اجراء، وهي حل الميليشيات، وجمع السلاح، وإعادة تأهيل العناصر القابلة للإدماج في المؤسسات الأمنية والجيش.
وبحسب المراقبين، فإن ملف إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، خصوصاً الذين جلبتهم تركيا، يظل ملفاً عصياً، لن تستطيع السلطة الحالية تحريكه بأي شكل، نظراً لتمسك قيادات التيار الإسلامي والميليشيات المحلية بوجود هذه القوات لحمايتها، ورغم تصريح الدبيبة بالخصوص، والذي قال فيه بأن “المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا، ولابد من العمل على إخراجهم ومغادرتهم، وهو أمر يتطلب الحكمة والاتفاق مع الدول التي أرسلتهم” إلا أنه لم يتخذ أي خطوة في هذا الاتجاه، ولذلك لن يتم تحريك هذا الملف، إلا بإرادة دولية، وكذلك بقرار واضح من مجلس الأمن على وجه الخصوص.
وتأتي أزمة الكهرباء، التي لم تعالجها الحكومة في كل مناطق ليبيا، إحدى أبرز المشكلات التي أخرجت الليبيين للاحتجاج خصوصاً في غرب ليبيا، وشهدت الشبكة استقراراً في غرب ليبيا بعد توحيد شركة الكهرباء، فبعد أن كان انقطاع التيار الكهربائي يصل حتى 12 ساعة في مناطق الغرب، وصلت إلى تحسن يصل لعدة أيام بدون انقطاع، غير أن الحالة انعكست في الشرق والجنوب، فحين كانت هاتين المنطقتين تحت سلطة حكومة البرلمان كان التيار الكهربائي يستقر لعدة أسابيع، ويصل الانقطاع لساعات قليلة.
ويبقى سؤال مهم يُطرح حالياً بقوة، حيال السلطة الليبية، هل تستطيع أن تفي بكل هذه الخطوات في مدة تناقصت من 9 شهور إلى 4 فقط؟
خاص وكالة “رياليست” – عبدالعزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.