أبدى الإتحاد الأوروبي إستعداده لإتخاذ مزيد من الإجراءات العقابية ضد تركيا إذا رفضت أنقرة الدخول في حوار لتخفيف حدة التوتر الذي تصاعد بعد إرسال سفينة مسح تركية للتنقيب عن النفط والغاز في منطقة تطالب بها أيضاً اليونان العضو في الإتحاد الأوروبي، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وفي بيان للدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي المطلة على البحر المتوسط ضمن قمتهم السابعة في كورسيكا بفرنسا، جددوا تأكيدهم على دعمهم الكامل وتضامنهم مع قبرص واليونان في مواجهة الإنتهاكات المتكررة لسيادتهم، وكذلك الأعمال التي تنطوي على مواجهة كالتي تقوم بها تركيا، مالم تنهي أنشطتها الأحادية، فأن الإتحاد مستعد لوضع قائمة بالإجراءات العقابية الإضافية التي يمكن مناقشتها في المجلس الأوروبي يومي 24 و25 سبتمبر/ أيلول الجاري.
لماذا تأخذ أوروبا الأزمة اليونانية – الأوروبية على محمل الجد؟
على الرغم من إذعان أنقرة لرغبة حلف شمال الأطلسي – الناتو والجلوس على طاولة المفاوضات مع اليونان لبحث سبل التهدئة، ومواصلتها للإستفزازات التي أقلقلت الغرب الأوروبي من أنها غير جدية في مفاوضات قد تحصل، إذ يبدو أن أوروبا لا تعرف الأسلوب التركي والذي سبق وأن مارسته مع روسيا الإتحادية في روسيا، إلا أن القلق الأوروبي، يتحلى في قدرة تركيا على التمدد إلى أبعد من حدود دولتها ليصبح لديها قواعد في عددٍ من الدول والبحار، برية وجوية سواء في ليبيا أو في قطر أو الصومال وسوريا أيضاً، وما نشرها للدبابات مؤخراً على الحدود مع اليونان إلا رسالة واضحة إلى عموم أوروبا، فرغم إجتماعها بالأمس في مقر الناتو في بروكسل، إلا أن ذلك لا يعدو أكثر من اجتماع شكلي، لن يثني أنقرة عن إكمال مخططها الرامي بإنعاش قوميتها الطورانية، قد تكون على النسق الأوروبي لجهة الإتحاد، وهذا إن لم يقلق أوروبا ستكون السياسات الخارجية الأوروبية لا تقرأ الواقع كما هو.
ماذا بيد الغرب الأوروبي ضد تركيا؟
إن التلويح الأوروبي بإصدار عقوبات على تركيا، في معرض قمة كورسيكا، أو خلال اجتماع المجلس الأوروبي أواخر الشهر الجاري، تلويح خجول لا يرقى أن يكون صادر عن إتحاد كامل من الدول ضد دولة واحدة، فالعقوبات تتطلب جلسة عاجلة وإصدار ما في جعبتهم ضد تركيا، لكن ماذا ستكون على حرمان أنقرة نهائياً من عضوية الإتحاد، هذا أمر أساساً لن يتحقق، ولم تكن الأزمة مع اليونان هي سبب الرفض، أو حتى إفشال مشاريع الغاز العابرة إلى أوروبا عبر تركيا، فهي حيوية للإثنين ولا يمكن أن تخسر القارة العجوز في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، وبالتالي كل هذه التهديدات الأوروبية لا معنى لها، لأن تركيا إستعدت لأسوأ السيناريوهات أي الحرب، وأوروبا ليست بصدد دعم اليونان في حرب قد تندلع لكن مسألة إخمادها بعد تورطهم في ليبيا وسوريا لن تكون بالأمر اليسير.
من هنا، إن أوروبا في وادٍ ووحدها فرنسا المتضرر الأول من كل هذا الوضع، فلقد فشلت في سوريا رغم دعمها العلني لأكراد الشرق السوري، وفشلت في ليبيا، رغم أن لها اليد الطولى في القارة السمراء، وخسرت في لبنان رغم زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرتين إلى لبنان، لكنها فتحت خطاً عبر روسيا في زيارة الوفد الروسي مؤخراً إلى دمشق، لعودتها لكن عبر الطرق الدبلوماسية، فمن الممكن أن تحقق في هذا الجانب صفعة قوية لتركيا، لأن الأخيرة ونكرر دائماً لولا أن هناك ضوء أخضر أمريكي لإكمال ما بدأت به، ستكون حذرة في تعاطيها في ملفات أصبحت حساسيتها عالية جداً، لكن يبقى أن ننتظر نهاية الشهر الجاري لنعلم شكل وطبيعة العقوبات الأوروبية وإلى حين ذلك، لا تقدم في أزمة شرق المتوسط لجهة اليونان وقبرص.
فريق عمل “رياليست”.