أعلن الجيش الأمريكي أنه سيخفض عدد أفراده في العراق من “5200” إلى “3000”، معطياً صفة رسمية لخطوة كانت متوقعة منذ فترة طويلة، وقال الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية أثناء زيارة للعراق: “نواصل توسعة برامج دعم قدرات شريكنا، لتمكين القوات العراقية بما يسمح لنا بتقليص وجودنا في العراق”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
لماذا يتم الحديث عن الإنسحابات الأمريكية قبيل موعد كل إستحقاق رئاسي؟
طالب البرلمان العراقي العام الماضي “2019”، بخروج القوات الأمريكية من العراق بشكل كامل، قس عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، أي قبيل تسلم مصطفى الكاظمي، إلا أن ولاء عبد المهدي كما القرائن كشفت، كان لإيران أكثر منها للأمريكيين، وبالتالي إشعال الشارع العراقي لم يكن وليد صدفة بل للإطاحة بهذه الحكومة التي تجرأت على المطالبة بطرد القوات الأمريكية، ليكتمل المشهد مع بداية العام “2020” وإغتيال الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، ليعود هذا الأمر للطفو على السطح مجدداً.
وعلى الرغم من حساسية الوجود الأمريكي عقب تنفيذها عملية الإغتيال، وبعد الرد الإيراني على قاعدة عين الأسد وعشرات الإستهدافات لقاعدة التاجي ومحيط السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء، لكن واشنطن لم تقرر بعد الانسحاب، ومع قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية مع ولاية كل رئيس، أي ليس فقط الرئيس دونالد ترامب، بل سمعنا هذا الأمر من الرئيس السابق باراك أوباما بما يتعلق بأفغانستان، واليوم يقول المسؤولون الأمريكيون أن الانسحاب سيتم في شهر سبتمبر/ أيلول الجاري، ليتم إستثمار هذا الانسحاب في الداخل الأمريكي، لا إذعاناً لمطالب العراقيين، فيجب الإنتباه جيداً، لهذا الأمر.
هل وضعت الإدارة الأمريكية خططاً بديلة؟
ربطاً مع ما ورد أعلاه، حول مسألة تخفيض عدد القوات الأمريكية في العراق، يذكر المتابع قبل بضعة أشهر عاد تنظيم داعش للظهور مجدداً، وبحسب معلومات إستخبارية روسية، الإنطلاق كان من قاعدة التنف الأمريكية في سوريا، والتي هي على مقربة من المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني، وبالفعل تصدت حينها القوات العراقية لعددٍ من المتسللين من عناصر التنظيم، كانت وجهتهم مدينة صلاح الدين للقيام بتفجيرات، القيادات العسكرية العراقية تعاملت مع الوضع وأمنت الحدود العراقية – السورية، ومحيط محافظة الأنبار، ما يعني أن إحياء داعش وإنجاح الخطة في تغلغله مجدداً في العراق، سيلغي طلب الانسحاب برغبة عراقية.
يضاف إلى ذلك، ومنذ حوالى الثلاثة أشهر والعصيان الذي قام به سجناء داعش سواء في سجن الكسرة في دير الزور أو الصناعة في الحسكة أو غويران، وهروب العشرات من الإرهابيين من هذه السجون الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية – قسد المدعومة من قبل القوات الأمريكية، فضلاً عن عدة إنزالات قام بها التحالف الدولي ونقل قياديين من داعش إلى جهات مجهولة، والتي لا تحتاج إلى ذكاء لمعرفة أنهم أصبحوا في العراق.
هذا السيناريو التي حاولت واشنطن إستثماره لكن العملية التي أطلقتها روسيا في سوريا، أي عملية الصحراء البيضاء، قضت على كل فلول داعش ولا تزال مستمرة، والحشد الشعبي تصيد كل المتسللين على الحدود، ما يعني فشل المخطط الأمريكي، وبالتالي إعادة 1200 جندي إلى البلاد هو جزء يسير من عدد القوات الإجمالي، لكن حتى تنفيذ هذا الأمر لواشنطن حتماً غايات أخرى من خلاله.
من هنا، إن تخفيض عدد القوات الأمريكية في العراق، يعني سيناريو جديد يجهز للعراق، وبالتالي، لا يمكن للولايات المتحدة الخروج بخسارة من أي موقع، فالإنسحاب مجرد عملية شكلية لا تقدم ولا تؤخر، فقواتها موجودة بأشكال أخرى عبر شركات وإستثمارات وأمن ودبلوماسيين وغير ذلك الكثير، لكن يبقى الأهم هو معرفة مكيدة واشنطن الجديدة لهذا البلد الذي دمرته من العام 2003 إلى اليوم.
فريق عمل “رياليست”.