بدأ الجيش التركي المسيطر على أجزاء في الشمال السوري بإنشاء قاعدة عسكرية جديدة له قرب مدينة عين عيسى في محافظة الرقة، وهي الخامسة قرب الطريق الدولي شمال غرب مدينة عين عيسى، على الطريق الدولي الواصل بين الحسكة وحلب بريف الرقة الشمالي الشرقي، القاعدة العسكرية تجري إقامتها في قرية طماميح بريف عين عيسى بعد جلب معدات لوجستية وبناء، وتقع هذه القرية على بعد نحو 2 كلم من ناحية عين عيسى الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية – قسد والجيش السوري. طبقاً لمصادر إعلامية سوريّة.
ما أسباب تمدد تركيا شرقاً؟
تستغل الدولة التركية حالة الفوضى التي سيطرت على مسألة الإنتخابات الأمريكية، وقرار الإنسحاب الأمريكي المفاجئ، واعتبرته ضوءاً أخضر لها لإطباق سيطرتها على المنطقة، رغم أن الإنسحاب لبعض القطع العسكرية والجنود، تزامن مع تسيير دوريات عسكرية روسية في تلك المنطقة، إلا أن وصول القوات التركية إلى مناطق قريبة من سيطرة الجيش السوري وقسد، هذا يعني، تبييت النوايا التركية في أخذ دور واشنطن إذا ثبت أن الإنسحاب حقيقي، رغم أنه لن يتحقق، لكن تريد أنقرة اليوم إستثمار هذا الوضع لصالحها قبيل استقرار واشنطن، وكله في مسألة المفاوضات يكسبها نقاط إضافية لأن تخرج بغنائم كثيرة.
وما عودة الحديث عن المنطقة الآمنة، إلا تأكيد تركي جديد على أنها تريد لهذه الجغرافيا تحديداً أن تخلو من التواجد الكردي، بتغيير ديموغرافية المنطقة، وهي فعلاً بدأت بذلك قبيل توطيد قواتها بشكل كبير مؤخراً.
هذا العامل قد يفتح باب إتحاد قسد مجدداً مع دمشق المركزية، برعاية روسية، رغم فشل الكثير من المحاولات السابقة، لكن أيضاً هذا الأمر، بالمنطق العسكري لا يضر إلا بتنظيم قسد المدعوم أمريكياً، لتكون الأخيرة تخلت عنه مجدداً، على الأقل جزئياً، ما يعني الرهان الكردي على الولايات المتحدة تحول تلقائياً للكشف على أنهم لا ليسوا أكثر من بيادق يتحركون وفق ما تريد واشنطن.
هل تنجح أنقرة بطرد الأكراد؟
إذا ما إستمر الصمت الدولي حول تصرفات تركيا، من المتوقع الإستمرار في التمدد التركي، شرقاً، خاصة وأن المعارك مستمرة وتزامنت مع المعركة الإنتخابية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وخصمه جو بايدن، وبحسب الأخبار الواردة أن الإقتتال بين القوات التركية والفصائل الإرهابية المدعومة منها، وتنظيم قسد أسفر عن مقتل العشرات من عناصرالتنظيم، دون تدخل أمريكي أبداً، وهذا إلى الآن يعتبر نجاح تركي في الإطباق على تلك المنطقة، إنما العين أيضاً على منابع النفط، فهي تريد حصصها من سوريا أسوةً بواشنطن، لكن ليس معروفاً ما إذا كانت الأخيرة ستسمح في هذا الأمر، لأنه وكما أشرنا أعلاه، الإنسحاب جزئي وقد يكون أقرب إلى تبديل القوات بغيرهم من القول إنه إنسحاب كامل.
وبالتالي في هذه النقطة، لن تتدخل موسكو، بعد فشل مبادرتها الأخيرة في موسكو، رغم تأكيد المجتمعين على التفاوض مع الدولة السورية، إلا أن أمريكا، بطريقةٍ ما أفشلت هذا الأمر، ليكون الخاسر الوحيد اليوم هم القوات الكردية المتحالفين مع واشنطن.
أما موقف الدولة السورية، فهو رهن بالأوضاع وما ستؤول إليه، بمعنى الإستقرار الداخلي الأمريكي، وبناء سياسة جديدة في ضوء صعود بايدن، ومعرفة حقيقة موقفه من سوريا، والتي من المتوقع أن تكون أشد عداءً من ترامب، وإلى أن يأتي ذلك الوقت، إن تم إصطدام ما بين القوات التركية والسورية في ريف الرقة، سيكون دويه كبيراً، إذ أن سوريا تتجهز أيضاً لمعارك محتملة شرقاً وشمالاً، وهناك حديث عن إتمام صفقة طائرات حربية روسية جديدة إلى دمشق.
من هنا، لا شك أن قيام تركيا بإنشاء قواعد عسكرية جديدة يمهد لسيطرة طويلة الأمد، ويمهد لأن يكون الملف السوري نقطة خلاف مع روسيا، المترقبة هي الأخرى للوضع الأمريكي شرقاً، وبالتالي ستواصل أنقرة ما بدأته، لكنه حالياً سيكون بينها وبين الأكراد، فهي إنتظرت هذه الفرصة طويلاً وبدأت بقطافها، فهل تعود واشنطن لدعم قسد مجدداً، هذا محتمل ففي الأمس أدخلت رتلاً جديداً إلى قاعدتها في ريف الحسكة، ما يعني أنها فترة مؤقتة أعطتها أمريكا للحليف التركي حتى يحقق بعضاً مما يريده شرقاً.
فريق عمل “رياليست”.