موسكو – (رياليست عربي): من المقرر أن يصل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى موسكو في الفترة من 8 إلى 9 يوليو، وبعد انقطاع دام ثلاث سنوات، سيعقد هو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قمتهما السنوية، ونيودلهي، باعتبارها رائدة بين دول الجنوب العالمي، وموسكو مهتمتان بتشكيل عالم متعدد الأقطاب، ووسط زيارة رئيس الحكومة الهندية إلى العاصمة الروسية، تمارس واشنطن ضغوطاً على نيودلهي.
وفي قمة منظمة شنغهاي للتعاون في أستانا، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقادة من مختلف البلدان، باستثناء رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وغاب السياسي الهندي عن اللقاء بسبب انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، والتي تولى فيها منصب رئيس الحكومة بعد إعادة انتخابه لولاية ثالثة.
وربطت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست غياب مودي عن قمة منظمة شنغهاي للتعاون بـ “التوترات التي لم يتم حلها بين نيودلهي وبكين بشأن قضايا الحدود”.
وبدلاً من ذلك، حضر وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار القمة، مؤكداً التزام نيودلهي بتنفيذ برنامج SECURE داخل منظمة شنغهاي للتعاون (الذي يعني ضمناً أمن المواطنين، والتنمية الاقتصادية، والعلاقات الإقليمية، والوحدة، واحترام سيادة الدولة وحماية البيئة)، والذي قدمه مودي. في قمة شنغهاي لمنظمة التعاون قبل ست سنوات.
في هذه الأثناء، قرر رئيس الوزراء الهندي زيارة موسكو، آخر مرة زار فيها ناريندرا مودي روسيا كانت في عام 2019 في منتدى الشرق الأقصى الاقتصادي في فلاديفوستوك.
وكما تشير بلومبرج، فإن الزيارة الحالية “تؤكد الأهمية التي توليها نيودلهي لاتصالاتها مع موسكو”، بدورها أشارت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست إلى أن قرار مودي بالقدوم إلى العاصمة الروسية “يؤكد رغبته في الحفاظ على علاقات قوية مع موسكو وبذل جهود استراتيجية لتحقيق التوازن في العلاقات بين الدولتين”.
وأكدت بلومبرج أنه في السنوات الأخيرة، أصبحت الهند، وهي واحدة من أكبر مستهلكي النفط الخام في العالم، “تعتمد على توريد المعدات العسكرية الروسية” وتشتري المزيد والمزيد من موارد الطاقة من موسكو، بالإضافة إلى ذلك، تعتقد الوكالة أن “العلاقات بين نيودلهي وبكين في الوقت الحالي هي في أدنى مستوى لها منذ عام 2020 على الأقل”، وتشعر الهند بالقلق إزاء تعميق العلاقات الروسية الصينية.
في الوقت نفسه، بحسب مصادر الوكالة، لن يناقش الزعيمان أي اتفاقات انفراج، لكن من المتوقع التوقيع على وثيقة “تتعلق باللوجستيات العسكرية” واستئناف التعاون في مجال الطاقة النووية ومناقشة التطوير المشترك لمقاتلة من الجيل الخامس.
يُشار إلى أن زيارة مودي لموسكو تأتي عشية قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في واشنطن، حيث ستعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ على قضايا المواجهة العسكرية مع روسيا.
ووفقاً لصحيفة تريبيون، فإن مودي سيناقش “المصالح الاستراتيجية” للهند مع الزعيم الروسي، ويشير المنشور أيضاً إلى أن هذه الزيارة ذات أهمية كبيرة، حيث لم يتم توقيت الرحلة لتتزامن مع قمة البريكس في كازان في أكتوبر.
وأشار السكرتير الصحفي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف إلى أن الزعيمين سيتطرقان إلى جميع القضايا المدرجة على جدول الأعمال، “بالنظر إلى طبيعة العلاقة الموثوقة للغاية”، وأضاف: “لدينا مشاركة مشتركة في عمليات التكامل، لذا فإن الشؤون الإقليمية وقضايا الأمن الإقليمي والأمن العالمي تكون دائماً على رأس جدول الأعمال، بالإضافة إلى ذلك، بالطبع، يعد تفاعلنا التجاري والاقتصادي الثنائي دائماً إحدى القضايا الرئيسية التي تتم مناقشتها.
في الوقت نفسه، تتزايد الضغوط على الحكومة الهندية من الإدارة الأمريكية، كانت نيودلهي غير راضية عن التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول الحرية الدينية في العالم؛ وتم إدراج الهند، إلى جانب الاتحاد الروسي، في قائمة الدول غير الموثوقة.
وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية راندير جايسوال إلى أن الهند ترفض مثل هذه التقييمات من واشنطن، واصفاً التقرير الأمريكي بالمنحاز والمشوه و”يفتقر إلى فهم البنية الاجتماعية للهند”.
وأعرب النائب الأول لوزير الخارجية الأميركي كيرت كامبل عن عدم رضاه عن العلاقات بين نيودلهي وموسكو، لأنها برأيه “تتعارض مع التعاون التكنولوجي الأميركي الهندي”.
وقال سواستي راو، وهو زميل في معهد مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية: “إن التقارب الاستراتيجي العميق بين موسكو وبكين غير مريح لنيودلهي؛ فهو يشبه أن يكون أفضل صديق لك ينام مع العدو”.
بدوره، يرى هارش بانت، أستاذ العلاقات الدولية في كينغز كوليدج لندن، أن ناريندرا مودي بزيارته “يؤكد على أهمية هذه العلاقات”.
“الهند لا تريد أن تقع روسيا بالكامل في مجال نفوذ الصين، لذلك يعتقد مودي أن العلاقات بين الهند وروسيا ستحقق التوازن بين علاقات موسكو مع بكين”.
بالإضافة إلى ذلك، إن ناريندرا مودي سيطير مباشرة من موسكو إلى النمسا، هذه زيارة مشتركة، وتتمتع روسيا والهند بعلاقات جيدة، ومن المرجح أن يكون هناك حوار سياسي، حيث تم إيقافه مؤقتاً مؤخراً، وكانت آخر مرة التقى فيها القادة في عام 2021، عندما طار بوتين إلى الهند، كما أن مودي كان في الاتحاد الروسي للمرة الأخيرة في عام 2019.
الآن هو الوقت المناسب ليظهر الجميع استعدادهم للعب دور صانع السلام، كما لا تزال نيودلهي مهتمة أيضاً بالأسلحة الروسية، وأخيراً، يمكننا أن نتوقع مناقشة المزيد من القضايا العالمية، مثل التجارة بالعملات الوطنية وإنشاء أنظمة الدفع المستقلة عن الولايات المتحدة، إن كلاً من روسيا والهند مهتمتان بها بشكل حيوي.
