القاهرة – (رياليست عربي): في اأعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتحقيق الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وانكلترا وفرنسا انتصارهم على ألمانيا النازية، وإيطاليا واليابان، ففي عام 1949 تم إنشاء تحالف عسكري للحلفاءالمنتصرين “حلف الناتو” بقيادة وزعامة الولايات المتحدة، وسيطرتها وانفرادها باتخاذ القرار، وهو الأمر الذي لم يكن محل ترحيب من جانب الزعيم الفرنسي الراحل شارل ديغول، والذي كان يقاوم بشدة الهيمنة الأمريكية على الحلف، وكان هناك تباين في المواقف السياسية والعسكرية بينهم، ولعل من أشدهم هو ما حدث عام 1966، حيث مر الحلف الأطلسي بواحدة من أسوأ فتراته، منذ نشأته عام 1949، بسبب انسحاب الفرنسيين من القيادة العسكرية الموحدة للحلف. خلال تلك الفترة، حيث كان الحلف يضم 15 دولة، كان من بينها جمهورية ألمانيا الاتحادية.
وقد جاء انسحاب فرنسا ليشكل مفاجأة دبلوماسية حلت لتبرز حجم الخلاف الفرنسي – الأميركي أثناء فترة شهدت تورط الأميركيين بحرب فيتنام، برز الخلاف الفرنسي – الأميركي بسبب العديد من العوامل، فما بين الخمسينيات والستينيات، واجه الفرنسيون أزمة استقلال الدول المستعمرة منذ عقود بكل من الهند الصينية وإفريقيا. وبينما رفض الفرنسيون فكرة نهاية الاستعمار، أيد الأميركيون التطلعات التحررية للشعوب المستعمرة خوفاً من إمكانية التحاقهم بالمعسكر الشيوعي في فترة لاحقة. وقد عاب الفرنسيون بسبب ذلك على الأميركيين غياب التكافل والتضامن والتوافق في المواقف، مؤكدين على ضرورة أن يكون التحالف شاملاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، واستراتيجياً.
وعلى الرغم من رضوخهم للمطالب الأميركية غالباً، ما انزعج المسؤولون الفرنسيون من مواقف الولايات المتحدة الأميركية خلال العديد من القضايا، وجاءت معاهدة إنشاء “جماعة الدفاع الأوروبية” لتبرز حدة الخلاف بين الطرفين، وتفاقم الأمر عقب “أزمة قناة السويس” 1956، مما اعتبره كثير من الفرنسيين تدخلاً أميركياً في شؤون بلادهم ، حيث اتجهت فرنسا لاتخاذ خطوات ضد حلف شمال الأطلسي ، حيث طالب “شارل ديغول – Charles de Gaulle” في البداية، عام 1958 بمنح فرنسا مزيداً من الاستقلالية والحرية مقارنةً ببقية حلفائها، خاصة في مجال التسلح النووي، وصلاحيات شبيهة بصلاحيات بريطانيا وأميركا فيما يخص إصلاحات صلب حلف الناتو.
اشتعال الأزمة وانسحاب فرنسا
خلال شهر آذار/ مارس 1959، انسحبت البحرية الفرنسية المتمركزة بالبحر الأبيض المتوسط من قيادة حلف الناتو، وبعدها بشهرين أعلن شارل ديغول أنه سيعارض تخزين الأسلحة النووية الأميركية على الأراضي الفرنسية، ثم في عام 1962 أكد ديغول أن الجنود الفرنسيين العائدين من الجزائر معفون من المشاركة بمهام حلف الناتو.
وفي عام 1964 غادرت البحرية الفرنسية القيادة المشتركة للناتو بالأطلسي، وفور إعادة انتخابه رئيساً لفرنساً، أطلع ديغول نظيره الأميركي ليندون جونسون يوم 7 آذار/ مارس 1966 على رغبة بلاده في مغادرة القيادة الموحدة لحلف شمال الأطلسي وإنهاء تبعية القوات الفرنسية للأوامر الدولية، لكن دون الرحيل بشكل تام عن الحلف، وأكد على رغبة بلاده في استعادة السيادة على أراضيها مطالباً بضرورة رحيل القوات الأميركية والكندية عن الأراضي الفرنسية.
واضطر حلف شمال الأطلسي في ضوء ذلك القرار لإخلاء حوالي 29 قاعدة عسكرية بفرنسا في عدة مدن فرنسية، ليغادر بذلك الجنود وعائلاتهم، المقدر عددهم بنحو 100 ألف شخص الأراضي الفرنسية. وقد سبب ذلك حالة من الغضب بين العديد من الفرنسيين، حيث احتج كثير منهم بباريس منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر 1966 للتعبير عن غضبهم بسبب خسارة نحو 18 ألف وظيفة كانت على ارتباط مباشر بتواجد القوات الأجنبية بفرنسا، أيضاً أسفر القرار الفرنسي عن نقل مقر الناتو الذي تواجد بباريس منذ عام 1952 نحو العاصمة البلجيكية بروكسل، وعقب فترة قصيرة، أبرمت فرنسا اتفاقية مع الناتو لتنظيم العلاقات بينهما فوافقت على إبقاء قواتها بألمانيا الغربية وتعهدت بالتدخل لصالح الناتو ومناصرته في حال اندلاع حرب ضد “حلف وارسو”، “الاتحاد السوفيتي السابق، وحلفائه من دول شرق أوروبا”.

انفراج الأزمة وعودة فرنسا
انتظر الجميع حلول العام 1995 لملاحظة بوادر انفراج الأزمة، حيث شارك وزير دفاع فرنسا حينها لأول مرة باجتماعات حلف الناتو. وفي شهر أغسطس/ آب 2004، عُيّن جنرال فرنسي لقيادة عمليات حلف شمال الأطلسي بأفغانستان.
وأثناء فترة حكم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، عادت فرنسا رسمياً خلال شهر أبريل/ نيسان 2009 للقيادة العسكرية الموحدة للناتو بعد غياب استمر لنحو 43 عاماً.
عودة الصراع واشتعال أزمة الغواصات
مع تصاعد حدة الأزمات الاقتصادية التي ضربت أسواق المال والأعمال والأنظمة الاقتصادية الكبرى في العالم “أزمة 2009، ثم تعرض العالم لجائحة كورونا – Covid-19” وسياسة الإغلاق كبدت اقتصادات الدول خسائر فادحة، وخاصة الدول الكبرى مثل إيطاليا وكندا وأستراليا وفرنسا وانكلترا، واولهم بالطبع الولايات المتحدة الأمريكية، أضف إلى ذلك الصراع التقليدي بينهم مع روسيا والصين مؤخراً، على جميع الأصعدة، سياسية واقتصادية وتجارية وتكنولوجية:
- منذ قيام بريطانيا “الأسد العجوز” بتسليم هونغ كونغ للصين في شهر يوليو/ تموز من عام 1997، بعد مدة استئجار دامت 99 عاماً، وفرض الصين تشريعات وقوانين لاقت معارضة قوية من مواطني هونغ كونغ، وهو الأمر الذي تمتعض منه بريطانيا وبالطبع الحلفاء.
- تزايد أرقام حجم التبادل التجاري بين أوروبا والصين، وأيضاً الاستثمار المتبادل بينهم، خاصة مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا.
- خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كان محل دعم وتأييد من الولايات المتحدة الأميركية “إدارة ترامب” إذ وعدت أمريكا بتعويض بريطانيا اقتصادياً وتجارياً مقابل خروجها من الإتحاد الاوروبي، وعدم البقاء.
- اتهام الولايات المتحدة للصين بأنها وراء فيروس كورونا، حيث أطلق الرئيس الأميركي السابق “دونالد ترامب” عليه اسم “فيروس الصين”.
- النمو الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي الضخم الذي حققته الصين خلال السنوات العشر الأخيرة، مما زاد من نفوذ التنين الصيني المتنامي في أفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية.
- اختلاف المصالح بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهو الأمر غير المرحب به، خاصة بعد تصريح الرئيس الفرنسي ماكرون، أن أوروبا تقترح أن يكون لها قوتها العسكرية المستقلة عن الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الأمر الذي قوبل برفض شديد من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
- تشدد الموقف الفرنسي مع الجانب البريطاني بخصوص إجراءات وقواعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، وعدم إظهار أي مرونة معها.
- قيام فرنسا بفرض ضرائب على الشركات الأمريكية الكبرى للتكنولوجيا والمعلومات والاتصالات، والخدمات، مايكروسوفت، وغوغل وأمازون.
- قيام الإدارات الأمريكية المتعاقبة باتخاذ إجراءات وقرارات أحادية ومن جانب واحد، دون الرجوع إلى حلفائها، مثل الخروج من اتفاق باريس للمناخ، الانسحاب من الإتفاق النووي مع إيران، تهاونها مع تصرفات تركيا مع فرنسا واليونان وقبرص، والسماح لها بالتدخل في العراق وسوريا وليبيا، وأخيراً الانسحاب المفاجئ من أفغانستان في 15 من شهر أغسطس/ آب الماضي.
- تباين المصالح والنفوذ وتصاعده بين فرنسا والأولويات المتحدة بمناطق عدة حول العالم، خاصة في مناطق النفوذ التقليدية لفرنسا في أفريقيا والهند الصينية وشمال أفريقيا.
- نجاح فرنسا في إبرام صفقات سلاح مهمة وبمبالغ كبيرة من خلال عقود بيع طائرات رفال إلى كل من قطر والهند وكرواتيا والإمارات العربية واليونان ومصر.
- تزايد التوتر بين أمريكا والصين بسبب جزيرة تايوان، التي تدعمها أمريكا، وترغب الصين بإحكام السيطرة عليها، حيث هددت الصين بالحرب إذا تطلب الأمر بشأن تايوان، مما ينذر باحتمال انفجار الوضع في أي لحظة، التوتر بين الكوريتين، واليابان والصين، والهند والصين.
أزمة الغواصات.. لماذا الآن؟
فجأة أعلنت أستراليا انسحابها من صفقة استيراد الغواصات التقليدية من فرنسا، والمقدرة بحوالي مايزيد عن 60 مليار يورو “مما يلحق الضرر بالدولة الفرنسية وشركة NAVAL GROUPE” الفرنسية المصنعة لتلك الغواصات وعددها 12 غواصة، مما دعا باريس إلى استدعاء سفراءها من كانبيرا وواشنطن للتشاور، وشنت تصريحات شديدة اللهجة من الإدارة الفرنسية، صادرة الرئيس الفرنسي، ووزيري الخارجية والدفاع ضد أمريكا وبريطانيا.
وجاء قيام استراليا بإلغاء صفقة الغواصات الفرنسية، مقابل حصولها على غواصات نووية من الولايات المتحدة وبريطانيا، وتطمح أستراليا عبر هذا الاتفاق باستحواذها على غواصات الدفع النووي، إلى تعزيز قدراتها الدفاعية، وفتح الطريق أمام حصولها على مزيد من المعدات العسكرية، على غرار صواريخ “كروز” الأمريكية من طراز “توماهوك”، التي أعلن عنها موريسون في إطار اتفاق “أوكوس” الجديد”تحالف أمريكي – بريطاني – أسترالي”، وذلك بهدف ردع تزايد النفوذ الصيني مؤخراً في المحيطين الهادي والهندي.
علماً بأنه لم يعلن زعماء الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا صراحة على ذكر الصين عند إعلانهم عن المجموعة الأمنية الجديدة، لكن واشنطن وحلفاءها يسعون لمقاومة قوة بكين المتنامية بخاصة تعزيزاتها العسكرية وضغوطها على تايوان ونشرها قوات في بحر الصين الجنوبي محل النزاع.

مزايا الغواصات النووية
ووفقاً لما هو معروف، فإنّ فائدة الغواصة الأمريكية النووية تكمن في قدرتها إلى الغوص في أعماق البحار، وأن تبقى متخفّية لفترة أطول، وهو الأمر الذي لا تتمتع به الغواصات التقليدية مثل “الغواصات الفرنسية”، دون تعريضها للاكتشاف، إضافة إلى عديد من المزايا الأخرى، منها:
سرعة فائقة والبقاء تحت الماء عشرات السنين فهي تعمل بواسطة مفاعلات على متنها، تنتج طاقة نووية، وتقوم الغواصة النووية بسحب مياه البحر وتنقيتها عبر عملية تحلية المياه، وذلك بُغية تكوين البخار وخلق الأوكسجين من خلال التحلل المائي بعد امتصاص ثاني أكسيد الكربون أو ملوثات أخرى من الهواء، ويُستخدَم بعض هذه المياه النظيفة للشرب أيضاً.
وبصفة أساسية، تعمل الغواصات النووية في عرض البحار والمحيطات بعيداً عن الشاطئ، وهي غير مرئية تماماً، إذ يمكنها أن تتسلل بصمت عميق تحت الأمواج، وتستطيع الغوص إلى عمق يبلغ مئات الأمتار تحت سطح البحر ولسنوات طويلة يصل إلى حد عمرها الذي يبلغ نحو 25 سنة، إذ لا تحتاج إلى إعادة التزوّد بالوقود طوال تلك السنوات، كما تستطيع الحركة بسرعة فائقة في عرض المحيطات، غير أنّها لا تتمتع بنفس الخصائص المذكورة عند سيرها في مياه ضحلة بقرب السواحل، وبطبيعة الحال مدة بقائها تحت سطح البحر محددة بعامل الإنسان الذي يحتاج إلى غذاء، فلا بد بين حين وآخر من الرسوّ وتلقّي تموين الغذاء للبحّارة من أحد الموانئ.
وعلى عكس الغواصات التقليدية، تتمكّن الغواصات النووية من البقاء لمدد طويلة في رحلات بعيدة بلا حاجة إلى التزوّد بالوقود، فالوقود النووي هو كمية صغيرة بمقارنتها بكميات هائلة من زيت الديزل، مما يضطرّ الغواصة التقليدية إلى الرسوّ بين حين والآخر لتعبئة الوقود، وفي تلك العوامل ميزة عسكريّة واستراتيجية غاية في الأهمية، إذ تحتاج الغواصات التقليدية إلى أن تطفو الغواصة أو تمد أنبوب إلى أعلى الماء في الهواء، حتي يمكن لمحرك الديزل العمل لاحتياجه إلى الأوكسجين لعملية الاحتراق الداخلي، وفي هذه الحالة من الممكن أن يكتشف الغواصةَ أعداؤها بسهولة.
عملت ألمانيا مؤخراً على تصميم غواصات غير نووية من فئة “كلاسّي 212 A”، مستخدمةً خلايا الوقود بدلاً من محرك الديزل، لتجنُّب الحاجة الدائمة إلى الهواء، لكن هذا النوع يحتاج أيضاً إلى تموين جديد بالوقود بعد فترة قصيرة من التشغيل.
وتحمل الغواصة النووية مفاعلاً نووياً ويورانيوم عالي التخصيب مثلما تعمل أيّة محطة للطاقة النووية على البر، إلا أنّ المفاعل النووي عليها يكون أصغر حيث يكتفي بقطر عرضي للغواصة أقل من 10 أمتار. ويسخن المفاعل النووي الدورة الرئيسية، وتعطي حرارتها عن طريق مبادل حراري إلى دورة الماء النقي الثانية، فيكون ماء الدورة الثانية خالياً من الشوائب المُشعّة، وينتج من الماء الساخن المضغوط عملية تدوير توربين، إذ يولد مولّد كهربائي متّصل محورياً مع التوربين الكهرباء لتغذية أجهزة الغواصة ولشحن البطاريات الضخمة، وتعمل البطاريات على تسيير الغواصة عند توقُّف المفاعل النووي.
مخاطر وكوارث الغواصات النووية
يكمن خطر الغواصة النووية إذا حدث تسرُّب إشعاعي أو إذا تعطل جهاز تبريد المفاعل ولم يُغيَّر بسرعة، فإنّه يؤدي إلى انصهار وقود المفاعل من الحرارة الزائدة التي قد تتعدى 1000 درجة مئوية، وتشكّل خطراً كبيراً على سلامة البحارة وعلى الغواصة نفسها.
ويحّذر مختصون من خطورة الإشعاع النووي واليورانيوم على أمن طاقم العمل داخل الغواصة، فمن بين أشهر حوادث الإصابة بإشعاع حدث لعدة “غواصات نووية روسية” إذ تسرّبت إشعاعات من غواصات نووية أدت إلى وفاة طاقمها بالكامل.
وعام 1963 فُقِد الاتصال مع طاقم غواصة روسية نووية من طراز “USS ثريشر”، وذلك خلال اختبارات الغوص العميق، ولقي 129 من أفراد الطاقم مصرعهم إثر الواقعة. فيما تبع ذلك الحادثة الشهيرة التي تٌعرف بـ”كارثة غواصة كورسك الروسية النووية “عام 2000، حيث تجاوز عدد ضحاياها 100 غريق.
وبصفة عامة فإن الغواصات النووية هي السلاح الفتاك ، حيث تستطيع غواصة واحدة تحويل 288 مدينة إلى رماد مشع في أقل من 30 دقيقة، مثل الغواصة الأمريكية “أوهايو”، ورغم أن الغواصات النووية لم تستخدم بعد خلال الحروب فعلياً بعد، إلا أنها تستطيع حمل رؤوس صواريخ نووية، حيث يتوقع أن يكون لسلاح الغواصات أهمية كبرى في حروب المستقبل.
الغواصات النووية “سلاح الكبار”
أنتجت الولايات المتحدة الأمريكية أول غواصة نووية عام 1954 عُرفت باسم “USS نوتيلوس”، وأصبحت الأخيرة أول غواصة تصل إلى القطب الشمالي عام 1958، ومن خلالها اكتُشف ممر بحري شمالي غربي، وتمتلك اليوم 6 دول غواصات نووية، هي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة وجمهورية الصين الشعبية والهند.
وبعد أن كانت واشنطن أول من صنع غواصة نووية دفعت اتفاقية الدفاع المشترك بينها وبين المملكة المتحدة المُبرمة عام 1958 إلى مشاركة الأولى تكنولوجيا الدفع النووي الخاصة بها مع المملكة المتحدة، فيما استهلت الصين أولى تجاربها مع الغواصات النووية عام 1987، وكان لدى الهند أول غواصة لها عام 1212، وتقول البيانات إن كوريا الشمالية تمتلك أكبر أسطول غواصات في العالم إذ يبلغ عدده 72 غواصة تعمل جميعاً بالديزل”غواصات تقليدية”.
وأسطول الصين 60 غواصة منهم 10 غواصات تعمل بالوقود النووي، وأسطول روسيا به 58 غواصة منهم 37 غواصة نووية، وتمتلك فرنسا 10 غواصات نووية، وبريطانيا 6 غواصات نووية أيضاً، والأسطول الأمريكي يبلغ عدده 68 غواصة تعمل جميعاً بالوقود النووي، وتأتي الغواصة الأمريكية “أوهايو” على رأس الغواصات الأكثر تدميراً، بدأت أمريكا في تشييد الغواصة “كولومبيا” والتي ستدخل الخدمة مع حلول عام 2031، والتي يمكنها حمل 16 صاروخاً نووياً وباليستياً.
التحليل والتعليق
يتضح جلياً، اختلاف الرؤى والمصالح بين حلفاء شمال الأطلسي، اختلاف أصبح خارج الحجرات وغرف الاجتماعات، بين بريطانيا والإتحاد الأوروبي، وفرنسا وتركيا، بين اليونان وقبرص وتركيا، وأن الخلاف الفرنسي – الأمريكي قائم منذ سنوات مضت، وزاد مؤخراً بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية التي يعيشها ألعالم اليوم، خاصة مع جائحة كورونا، وأن فرنسا ومن وراءها ألمانيا، يرون أن الفرصة متاحة لهم الآن بزيادة دورهم ونفوذهم الدولي لتحقيق مصالحهم، مستفيدين من زيادة حدة الصراع بين أمريكا والصين، ومع روسيا من ناحية أخرى.
وأن عنف وشدة رد فعل فرنسا على قيام أستراليا بالتراجع عن صفقة الغواصات الفرنسية، هو محاولة من الفرنسيين بالحصول على أكبر مكاسب ممكنة من تلك الأزمة، وأن الولايات المتحدة الأمريكية ليس في مصلحتها خسارة فرنسا كحليف قوي وأساسي في حلف شمال الأطلسي، حيث أن ذلك يضعف الجانب الأميركي، ويقوي الفريق الاخر “الصين – روسيا”، وأن إلغاء صفقة الغواصات الفرنسية، ماهي إلا زوبعة في فنجان، سوف تتجاوزها المصالح الاكبر بينهم مستقبلاً، وإذا كان الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن له من الحنكة والدهاء والخبرة السياسية الطويلة، فإنه على الجانب الفرنسي يوجد وزير الخارجية “جان إيف لودريان – Jean -Yves le Adrian” صاحب الخبرة السياسية والحياة السياسية والدبلوماسية الكبيرة، فهو عضو الجمعية الوطنية الفرنسية منذ عام 1978 عن الحزب الاشتراكي الفرنسي، وهو والرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” سوف يبذلون كل الجهد للاستفادة من تلك الأزمة، خاصة في هذا الوقت المهم، وقت الاستعداد للانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة والمقرر بداية مرحلتها الأولى في أبريل/ نيسان القادم.
ومن ناحية أخرى مهمة أيضاً، فإن الأوضاع والأحداث العالمية، تنذر بحدوث مفاجآت غير متوقعة، خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والصحية العالمية، وبطئ مرحلة التعافي من فيروس كورونا، فاختلاف الحلفاء فيما بينهم بسبب المصالح السياسية والاقتصادية، والسعي من أجل بسط السيطرة والهيمنة والنفوذ، والخوف من أن تهمل أو تضيع قضايا هامة للدول الفقيرة والنامية والأكثر احتياجاً للدعم والمساندة، من وراء تلك الأزمة، فهذه الاختلافات سوف تؤدي بالضرورة إلى عدم اتفاق فيما بينهم على حلول عاجلة لمشاكلة واأزمات مهمة وخطيرة، مثل المناخ واللاجئين، والتصحر ونقص المياه، والأمن الغذائي العالمي، والأوضاع الصحية للتغلب على فيروس كورونا، والأمراض الوبائية الأخرى، والصراعات والنزاعات المسلحة في اليمن وسوريا وليبيا والعراق وأفغانستان وبورما، والصحراء بأفريقيا وفي مناطق أخرى حول العالم.
وعلى الكبار أن يعلموا أن السلاح والقوة ليس ضمان لبقاء الأمم والشعوب، وأن الأموال الطائلة التي تصرف على التسليح كفيلة بحل مشاكل كوكب الارض من مناخ وفقر ونقص مياه وتوفير الغذاء وإيواء اللاجئين والمشردين، وعلينا جميعاً أن نتمسك بالأمل بإحلال السلام العادل والأمن والاستقرار في أرجاء المعمورة،من أجل غدٍ أفضل للأجيال القادمة.
خاص وكالة “رياليست” – د. خالد عمر.