في وقت تشتد فيه حالة الإستقطاب في أغلب الساحات الدولية والإقليمية لا سيما منطقة القرن الإفريقي أعلن وزير خارجية المملكة العربية السعودية فيصل بن فرحان تشكيل مجلس تعاون الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ما دفع البعض الى طرح تساؤلات حول غايات تكوين هذا المجلس وهل سيكون فاعلاً في تحقيق اهداف تأسيسهِ أم سيكون كغيره من التشكيلات الإقليمية الغير مجدية؟ وبالتالي في هذة القراءة سنقوم بالإجابة على هذه التساؤلات.
كان قد بارك العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وهي السعودية، ومصر، والأردن، والسودان، وجيبوتي، واليمن، والصومال وإريتريا، حيث الملك سلمان في الرياض أمس الأول، وزراء خارجية هذه الدول، وتناول اللقاء، عدداً من الموضوعات المتعلقة وسبل تطوير التعاون المشترك فيما بينها، بغيت تعزيز الأمن والاستقرار في الدول المطلة على أهم الممرات المائية للتجارة الدولية.
وبحسب ما جاء على لسان الأمير فيصل بن فرحان، إن توقيع الدول المعنية على الميثاق يأتي استشعاراً من قيادات الدول الثماني بأهمية التنسيق والتشاور حول الممر المائي الحيوي الذي يمثل أهمية اقتصادية وتجارية واستثمارية للاقتصاد العالمي بأكمله. فضلاً عن تميثله مجهوداً مشتركاً من دول المنطقة للحفاظ على أمنها ومكتسباتها والتعاون والتشاور والتنسيق فيما بينها بما يحقق مصالح كل شعوب المنطقة.
وبالرغم من أن غايات تاسيس المجلس هي التنسيق والتشاور حول القضايا الإقتصادية والسياسية والأمنية المشتركة حسب القناعات السعودية الا أنه من الظاهر هي عبارة عن مساعي سعودية لتامين جبهتها الجنوبية والغربية من تهديد كل القوى المنافسة لها على الصعيد الإقليمي والدولي وبالأخص إيران وتركيا.
وبالنظر الى الظروف الداخلية والخارجية للدول المشكلة للمجلس نلاحظ بأنها تحت التاثير السعودي بصورة او بأخرى. وعليه يمكن القول بأن القيادة السعودية حريصة من الإستفادة الوضع الراهن في هذه البلدان. على سبيل المثال الأوضاع الداخلية المأزومة في السودان من كل النواحي تسعى الرياض الى حمل قادة الخرطوم الجدد الى الإنضمام تحالفات تحت مظلة تأثيرها، وهذا الأمر ينطبق على الدول المطلة على البحر الأحمر كالإردن وجيبوتي واليمن وإرتيريا التي خرجت لتوها من العزلة الدولية.
في السياق ذاته يؤكد مراقبون أن أهمية المجلس الجديد لحماية المصالح العربية، ودول البحر الأحمر، في ظل ما تشهده المنطقة من توتر حاد، وصراعات أدت مؤخرًا إلى احتجاز سفن، وضرب أخرى، وتهريب أسلحة، وغيرها من المخاطر الأمنية الواجب وأدها.
السؤال الذي يطرح نفسه بشدة لماذا تقدم المملكة العربية السعودية على إنشاء هكذا مجلس في حين أن أغلب الدول المشاركة في تشكيل هذا المجلس تشاركها العضوية في تكتلات إقليمية ودولية كالجامعة العربية عدا جمهورية إرتيريا؟ وفي سياق الإجابة على هذا السؤال، يمكن القول بأن القيادة السعودية تعتقد بأن التجمعات الإقليمية القائمة لم تكون على المستوى المطلوب لحفظ الأمن والإستقرار بالمنطقة وبالتالي ترى بأن تشكيل تكتلات إقليمية تحت إشرافها ومباركتها من دول متنفذة عليها سياسياً وإقتصادياً ربما يكون أجدى في حماية أمنها القومي.
وأخيراً تأسيس هذا المجلس بالأول والأخير هو فكرة سعودية خالصة لحفظ أمنها وحماية مصالحها القومية في البحر الأحمر والدول المطلة عليه من الجهة الغربية، اما عن الدافع الوحيد للدول المشاركة في هذا المجلس هي إسترضاء الجانب السعودي بالمحصلة، وهذا ما يجعل المجلس قليل التأثير وعديم الرؤية لتحقيق غايات تاسيسه، وعليه يمكن القول بأن خطوة تشكيل المجلس ما هي الا حلقة من حلقات التكتلات المتية التي أنشاتها المملكة العربية السعودية تحت إشرافها ومباركتها.
إبراهيم ناصر- باحث بمركز أنقرة لدراسة الأزمات والسياسيات (أنكاسام)، خاص لوكالة أنباء “رياليست”.