إستهدف الحرس الثوري الإيراني فجر اليوم الأربعاء 8 ديسمبر/ كانون الثاني 2020، قاعدة عين الأسد الأمريكية في محافظة الأنبار غرب العراق، بعشرات الصواريخ الباليستية، محذراً بمزيد من الضربات الساحقة إذا ما قامت الولايات المتحدة بأي إعتداء جديد، مهدّداً بمهاجمة أي دولة إقليمية تتحول إلى “منصة للاعتداءات الأمريكية”، طبقاً لقناة السي ان أن الأمريكية.
في الموعد المقرر الذي سيوارى فيه جثمان الجنرال قاسم سليماني الثرى في مسقط رأسه بمدينة كرمان الإيرانية، إنطلقت عشرات الصواريخ الإيرانية من جنوب البلاد مستهدفة قاعدة عين الأسد الأمريكية في الأنبار إلى جانب موقع عسكري أمريكي في هفلان بأربيل – كردستان العراق، مع معلومات تتحدث عن إصابات مؤكدة في صفوف العسكريين الأمريكيين في الموقعين إضافة إلى جنود أوروبيين آخرين، وحملت هذه العلمية إسم “سليماني” إنتقاماً على إغتياله، وهذا القصف ما هو إلا مرحلة أولى من علمية الرد.
وعقب عملية إغتيال سليماني ورفاقه، إستبعد محللون قيام إيران بالرد، فيما رأى آخرون أنه في حال حدوثه سيكون محدوداً، بينما شكل هذا الرد ضربة قاسمة لم تكن الولايات المتحدة نفسها تتوقعها رغم أخذها بعض التدابير، وأولها ثقتها بعملائها خاصة في العراق، إلا أن ألمانيا أخذت التحذير الإيراني على محمل الجد وقامت بنقل بعض قواتها بحسب وكالات أنباء إلى الأردن والكويت.
إلى ذلك أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية – البنتاغون أنها تدرس الضربة وإمكانية الرد، ومن ثم خروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمؤتمر صحفي يتوجه فيه إلى الشعب الأمريكي، ما لبث أن تم إلغائه، الأمر الذي يفسر على أن هناك تخبط امريكي واضح، يحلل على أنه لا نية أمريكية في الرد على طهران المصممة على خروج القوات الأمريكية ليس فقط من العراق بل من المنطقة كلها، حيث شهدت القواعد الأمريكية في الخليج وسوريا إستنفاراً غير مسبوق، وسط توقعات أن تكون هدفاً من ضمن بنك أهداف تم تحضيره من قبل الحرس الثوري والذي بحسب وسائل إعلام إيرانية مقربة منه ذكرت بأن الدفاعات الجوية الأمريكية لم تستطع صد أي صاروخ من نوع قيام وذو الفقار، فيما أصابت هذه الصواريخ هدفها بدقة مع تحييد القسم العراقي من قاعدة عين الأسد.
من هنا، نفذت إيران تهديدها، وتوعدت بالرد على أي مصدر تتخذه واشنطن سواء من البحر أو من الدول القريبة، ما يعني أن طهران درست كل الإحتمالات بما فيها توسع الجبهات، وإمكانية التوجه نحو حرب إقليمية، والتي كانت قد أعلنت واشنطن في وقت قريب سابق عن أنها لن تخرج من العراق وستصعد إذا ما صعدت إيران، فيما تشير الدلائل أن الولايات المتحدة أو أصوات العقلاء فيها ليسوا مع خيار الحرب.
فلم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فلقد شهدت سماء الجولان السوري المحتل إلقاء قنابل مضيئة من الجانب الإسرائيلي، فيما قطع التيار الكهربائي عن كل المناطق الحدودية المحاذية للبنان، وسط إستنفار أمني كامل من جانبها، بعدما أعلنت إيران أن إسرائيل شريكة للولايات المتحدة في عملية الإغتيال وأن ضربها هدف مشروع من ضمن الأهداف التي في جعبة الحرس الثوري الإيراني.
أخيراً، تعلم الولايات المتحدة جيداً أن رد الإستهداف سيفتح باب الصراع وستكون إسرائيل في مرمى بنك الأهداف إلى جانب قواعدها في الخليج وصولاً إلى كامل غرب آسيا كما خرج بيان الحرس الثوري عقب حادثة إغتيال سليماني، فإن ردت واشنطن ستهدم كل ما بنته في تأمين نطاق حماية إسرائيل، وإن لم ترد فلأول مرة في تاريخها تنكسر هيبتها كدولة عظمى بقدرات إيرانية تعاني العقوبات الأمريكية والحصار الاقتصادي الخانق منذ العام 1979 وإلى اليوم، فعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية لن تصمت على هذا الإستهداف، إلا أن الصمت في هذه الحالة يقيناً أفضل من الرد، فهي لم تستسغ جولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأمس في سوريا، لتتلقى صفعة شديدة القوة في أقل من 24 ساعة.
لكن بالرغم من كل ما تم ذكره أعلاه، يمكن أن تكون عملية الإستهداف الإيراني لهاتين القاعدتين، ما هي إلا نوع من الرد الإعلامي على مقتل قاسم سليماني و بسماح من جانب الولايات المتحدة نفسها.
فريق عمل “رياليست”