كان قد أعلن وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر الصباح أن السعودية ستعيد فتح أجوائها وحدودها البرية مع قطر بعد أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة الخليجية، وقال الوزير: “بناءً على اقتراح الشيخ نواف الأحمد الجابر المبارك الصباح فقد تم الاتفاق على فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر”. طبقاً لإذاعة “صوت ألمانيا – دويتشه فيله“.
دور كويتي فعّال
بذلت الكويت جهداً حثيثاً من أجل نجاح المفاوضات بين الأطراف الخليجية وحتى مصر، فكثفت إتصالاتها مع الطرفين القطري والسعودي، كما توجه وزير الخارجية الكويتي للقاهرة حاملاً رسالة من أمير الكويت إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مفادها التأكيد على الدور المصري المهم في المنطقة العربية، ومعرباً عن أمله في أن تسير مصر هي الأخرى في نسق المصالحة العربية.
الكويت بسبب موقفها الحيادي من أطراف النزاع الخليجي وجهودها الدبلوماسية سمح لها ذلك بالطبع من لعب دور وسيط المصالحة، الكويت أيضاً لها تاريخ حافل في تسوية النزاعات والخلافات العربية، فكانت أحد الأطراف التي ساهمت بوقف القتال بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية فيما عرف بأيلول الأسود عام 1970، كما كان لها دور بارز في إنهاء الخلاف السعودي – الليبي وإعادة العلاقات بين البلدين عام 1982 بعد إنقطاعها لمدة عام، بالإضافة إلى أن الكويت كانت وسيطاً هاماً ومرحبّاً به من كافة أطراف النزاع اللبناني لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية.
لماذا كانت السعودية أولى الدول المبادرة للمصالحة مع قطر؟
أولاً، لطالما كانت السعودية قريبة من النهج الفكري والأيديولوجي لتيارات الإسلام السياسي، فعلى مدى عقود طويلة ارتبطت الرياض بالجماعات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين بل وساندتها من أجل التخلص من التيار القومي الذي كان يتصدر المشهد في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وعلى هذا النهج ساندت ما أسمتهم حينها بالمجاهدين الأفغان في حربهم ضد السوفييت، بل ودعمت فصائل متطرفة في العراق وسوريا، لذا فالسعودية كان من المتوقع عودتها مرة أخرى للصلح مع قطر أبرز الداعمين لتيارات الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة في المنطقة، وذلك على النقيض تماماً من الإمارات ومصر اللتان تتخذان موقفاً حازماً من السلوك القطري الداعم لهذه الجماعات، كما تقف الدولتان كحائط صد ضد تدخلات تركيا في المنطقة، وتعد تركيا الحليف الأبرز لقطر، والجدير بالذكر أن مساندة الدوحة للتدخل التركي والقاعدة التركية في قطر كانت من أبرز المسائل الخلافية الثلاثة عشر التي أعلنتها دول الحصار الأربعة.
ثانياً، ترغب واشنطن في فتح المجال الجوي السعودي أمام حركة الطيران القطرية بدلاً من المجال الجوي الإيراني، وهذا بالتأكيد سيترتب عليه تقليص قطر من علاقاتها وتعاونها واعتمادها على إيران وذلك بفتح السعودية المجال الجوي في وجه الطائرات القطرية التي أضطرت لإستخدام المجال الجوي الإيراني، الأمر الذي تربح إيران من خلاله 100 مليون دولار سنوياً كرسوم مرور.
ثالثاً، يبقى العامل الأهم هو رغبة واشنطن والرياض المشتركة في تشكيل تحالف عربي – خليجي ضد إيران، وذلك من خلال لم الشمل الخليجي والمصالحة مع قطر، وذلك مع وصول الإدارة الأمريكية الجديدة، في الوقت نفسه لن تمانع السعودية ببقاء العلاقات بين تركيا وحليفتها قطر بصورتها المعهودة مسبقاً.
أخيراً، تظل أكبر الدوافع للمصالحة الخليجية هو الضغط الأمريكي، رغم هذا اختلف مدى الإستجابة لكل طرف عن الآخر فالسعودية كانت أول المرحبين بالمصالحة مع قطر، بينما بقي الموقف الإماراتي والمصري وحتى البحريني متوجساً نوعا ماً، والدليل على ذلك عدم حضور الرئيس السيسي، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، بالإضافة لعاهل البحرين رغم دعوتهم مسبقاً من قبل السعودية لحضور القمة الخليجية.
فريق عمل “رياليست”.