موسكو – (رياليست عربي): تشهد الأوساط الدبلوماسية الدولية تحركات مكثفة تمهيداً لعقد قمة محتملة بين روسيا وأوكرانيا في جنيف، وذلك قبل انعقاد قمة مجموعة السبع المقررة في يونيو 2025. هذه المبادرات تأتي في ظل تصاعد التحديات العسكرية على الأرض وتزايد الضغوط الدولية لإيجاد مخرج سياسي للأزمة الأوكرانية التي طال أمدها.
تشير مصادر دبلوماسية غربية إلى أن الدعوة لعقد القمة تهدف إلى إحياء مسار المفاوضات المتعثر بين موسكو وكييف، حيث تسعى الأطراف الدولية إلى استغلال الفترة التي تسبق قمة السبع لإحداث اختراق دبلوماسي. وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه جبهات القتال تطورات عسكرية متباينة، بينما تواجه الدول الداعمة لأوكرانيا تحديات داخلية فيما يتعلق باستمرار تمويل المجهود الحربي الأوكراني.
من الناحية الروسية، أعلن الكرملين عن استعداده للحوار لكن مع الإصرار على شروط مسبقة تتعلق بالاعتراف بالواقع الجديد على الأرض. في المقابل، ترفض القيادة الأوكرانية أي مفاوضات تقوم على التنازلات الإقليمية، وتصر على ضرورة استعادة جميع الأراضي المحتلة كشرط أساسي لأي محادثات جدية.
تحليل الخبراء للوضع الحالي يشير إلى أن هذه المبادرة تواجه عقبات جسيمة، أبرزها استمرار الفجوة الكبيرة بين الموقفين الروسي والأوكراني. ومع ذلك، فإن مجرد طرح فكرة عقد القمة يعتبر مؤشراً إيجابياً على استمرار البحث عن حلول دبلوماسية، رغم كل الصعوبات والتحديات القائمة.
في الإطار الدولي الأوسع، تأتي هذه التحركات الدبلوماسية في وقت تشهد فيه العلاقات بين موسكو والغرب توتراً غير مسبوق، مع تصاعد حدة العقوبات الاقتصادية من جهة والتهديدات العسكرية من جهة أخرى. كما أن التوقيت يكتسب أهمية خاصة نظراً لاقتراب موعد قمة مجموعة السبع التي من المتوقع أن تركز بشكل كبير على ملف الأزمة الأوكرانية.
من الناحية العملية، فإن إنجاح أي قمة محتملة يتطلب تحقيق عدة متطلبات أساسية، أولها التوصل إلى صيغة مقبولة من الطرفين لجدول الأعمال، وثانيها ضمان وجود ضمانات دولية كافية لإنجاح المحادثات، وثالثها تحديد آليات تنفيذ أي اتفاقيات قد تنتج عن المفاوضات.
في الخلفية التاريخية، تجدر الإشارة إلى أن سويسرا سبق وأن استضافت عدة جولات من المفاوضات بين الطرفين، حيث تعتبر جنيف موقعاً محايداً ومقبولاً من جميع الأطراف. هذا العامل قد يلعب دوراً مهماً في تعزيز فرص نجاح أي مبادرات دبلوماسية مستقبلية.
ختاماً، ورغم كل التحديات والعقبات، تبقى الجهود الدبلوماسية ضرورية للحد من تصاعد النزاع وإيجاد مخرج سياسي لهذه الأزمة المستعصية. العالم يترقب باهتمام ما إذا كانت هذه المساعي ستؤتي ثمارها أم أن الفجوة بين المواقف ستظل أكبر من أي جسر دبلوماسي يمكن بناؤه في المرحلة الراهنة.