فيينا – (رياليست عربي): في تطور جديد قد يؤثر على ملايين طالبي اللجوء، دعا مستشار النمسا إلى مراجعة شاملة لقواعد منح اللجوء في الاتحاد الأوروبي. جاءت هذه الدعوة خلال اجتماع وزراء داخليه دول الاتحاد في بروكسل، حيث أشار المسؤول النمساوي إلى أن النظام الحالي لم يعد قادراً على مواكبة التحديات الجديدة.
تشير البيانات الرسمية إلى أن أوروبا شهدت في العام الماضي فقط أكثر من مليون طلب لجوء جديد، مع توقعات بزيادة هذا الرقم خلال العام الجاري. هذه الأعداد الكبيرة تضع ضغوطاً غير مسبوقة على أنظمة الاستقبال في العديد من الدول الأعضاء، خاصة تلك الواقعة على حدود الاتحاد الخارجية.
المستشار النمساوي اقترح عدة تعديلات جوهرية على نظام دبلن الحالي، الذي يحدد الدولة المسؤولة عن معالجة طلبات اللجوء. من بين هذه المقترحات إنشاء مراكز مشتركة لمعالجة الطلبات عند الحدود الخارجية للاتحاد، وتوزيع طالبي اللجوء بشكل أكثر إنصافاً بين الدول الأعضاء، مع تحسين آليات إعادة الأشخاص غير المؤهلين للجوء إلى بلدانهم الأصلية.
هذه الدعوة تأتي في وقت تشهد فيه أوروبا جدلاً واسعاً حول سياسات الهجرة، حيث تتباين مواقف الدول الأعضاء بين مؤيد لسياسات أكثر انفتاحاً وداعم لنهج أكثر تشدداً. بعض المحللين يرون أن هذه المبادرة قد تشكل نقطة تحول في النقاش الأوروبي حول الهجرة، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية الأوروبية.
من جهة أخرى، أثارت هذه المقترحات ردود فعل متباينة. بينما رحبت بعض الدول مثل ألمانيا وفرنسا بفكرة الإصلاح، أعربت دول أخرى عن تحفظاتها، خاصة تلك التي تعاني من ضغوط كبيرة بسبب أعداد اللاجئين الكبيرة. المنظمات الحقوقية بدورها حذرت من أن أي إصلاح يجب أن يحترم بشكل كامل حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية.
الخبراء في شؤون الهجرة يشيرون إلى أن النظام الحالي يعاني من عدة ثغرات، أهمها التركيز غير المتوازن على الدول الحدودية، وعدم وجود آلية توزيع عادلة، وبطء إجراءات الفحص. كما أن الاختلافات في معايير منح اللجوء بين الدول الأعضاء تخلق حالة من “سياحة اللجوء” حيث ينتقل طالبو اللجوء بين الدول بحثاً عن أفضل الشروط.
في السياق الأوسع، يأتي هذا النقاش في وقت تشهد فيه العديد من الدول الأوروبية تصاعداً في الخطاب المعادي للهجرة، وزيادة شعبية الأحزاب اليمينية التي تدعو لتشديد سياسات اللجوء. بعض المراقبين يعتقدون أن الدعوة النمساوية قد تكون محاولة لاحتواء هذه التيارات عبر تقديم حلول عملية لأزمة اللجوء.
المقترحات النمساوية تتضمن أيضاً تعزيز التعاون مع دول المنشأ والعبور، من خلال زيادة المساعدات الإنمائية وبرامج إعادة الإدماج. كما تدعو إلى تحسين آليات التنسيق بين وكالات الاتحاد الأوروبي المختلفة المعنية بشؤون الهجرة والحدود.
رغم التحديات الكبيرة، يبدو أن هناك إجماعاً متنامياً بين قادة الاتحاد الأوروبي على ضرورة إصلاح نظام اللجوء. التطورات القادمة ستحدد ما إذا كانت أوروبا قادرة على التوصل إلى نموذج جديد يوازن بين الحفاظ على حقوق الإنسان وضمان السيطرة على الحدود، في وقت تزداد فيه الضغوط الديمغرافية والجيوسياسية على القارة العجوز.