بلغراد – (رياليست عربي): تشهد صربيا موجة احتجاجات متصاعدة تجتاح الشوارع في مشهد يعكس عمق الأزمة السياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، الآلاف من المتظاهرين يتدفقون يومياً إلى الساحات العامة في بلغراد ومدن صربية أخرى، معبرين عن غضبهم من تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع معدلات التضخم وتزايد البطالة.
الاحتجاجات الحالية تمثل ذروة سلسلة من الاستياء الشعبي المتراكم الذي بدأ منذ أشهر، حيث يعاني المواطنون من صعوبات اقتصادية متزايدة في ظل فشل الحكومة في معالجة الأزمات المتفاقمة. المحتجون يطالبون بإجراء إصلاحات جذرية وتحسين الخدمات العامة ومكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة.
المراقبون السياسيون يشيرون إلى أن الأزمة الحالية تعكس تراكم إخفاقات متعددة، حيث فشلت الحكومة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي رغم الوعود المتكررة، كما أن تهميش المعارضة وتراجع الحريات العامة ساهما في تفجير الغضب الشعبي الذي كان يغلي تحت السطح منذ فترة طويلة.
من جهة أخرى، يتهم المحتجون النخبة الحاكمة بالانفصال عن هموم المواطنين والعجز عن إدارة الملفات الحيوية للبلاد. الأصوات المنتقدة تعلو مطالبة بتغييرات جذرية في النظام السياسي واعتماد نهج أكثر شفافية في إدارة الشؤون العامة.
الوضع الاقتصادي يبقى العامل الأبرز خلف هذه الاحتجاجات، حيث تعاني صربيا من ارتفاع متسارع في الأسعار وانخفاض قيمة العملة الوطنية وتآكل القدرة الشرائية للمواطنين. هذه العوامل، إلى جانب البطالة المرتفعة خاصة بين الشباب، خلقت بيئة مثالية لتفجير الغضب الشعبي.
السلطات الصربية تحاول احتواء الموقف من خلال وعود بالإصلاح وتحسين الأوضاع الاقتصادية، لكن المحتجين يبدون غير مقتنعين بهذه الوعود التي سمعوها مراراً في السابق. الاستمرار في القمع الأمني للاحتجاجات يزيد من حدة التوتر ويوسع قاعدة المشاركة في المظاهرات.
الخبراء يحذرون من أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى انهيار الاستقرار السياسي في صربيا، خاصة مع اقتراب الموعد الانتخابي المقبل، كما أن تدهور الوضع الاقتصادي قد يدفع بالبلاد نحو أزمة مالية شاملة يصعب احتواؤها.
ختاماً، بينما تستمر الاحتجاجات في التصاعد، يبدو أن صربيا تقف على مفترق طرق حاسم. القرارات التي ستتخذها الحكومة في الأيام المقبلة ستحدد الشكل ما إذا كانت البلاد ستدخل في نفق مظلم من عدم الاستقرار، أم ستشهد بداية حقيقية للإصلاح والتغيير المنشود.