واشنطن – (رياليست عربي): كشف الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى حلف الناتو جوليان سميث عن زيارة سرية قام بها الدبلوماسي الأمريكي البارز توماس ويتكوف إلى العاصمة الروسية موسكو خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية. هذه الزيارة غير المعلنة، التي تمت وسط توترات دولية متصاعدة، أثارت تساؤلات عديدة حول أهدافها الحقيقية والمواضيع التي نوقشت خلالها، خاصة في ظل غياب أي تصريحات رسمية مفصلة من الجانبين.
المصادر الدبلوماسية المطلعة أفادت بأن ويتكوف، الذي يشغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون أوروبا وأوراسيا، التقى بعدد من المسؤولين الروس رفيعي المستوى، بما في ذلك نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف. وتركزت المباحثات حسب هذه المصادر على ثلاثة ملفات رئيسية: الأزمة الأوكرانية، ملف الحد من الأسلحة النووية، بالإضافة إلى بعض القضايا الثنائية العالقة بين البلدين.
اللافت في هذه الزيارة هو توقيتها الحساس، حيث تأتي بعد أيام فقط من تصاعد القتال في جبهة دونباس، وقبيل انعقاد القمة المقبلة لمجموعة السبع في برلين. محللون سياسيون يرون أن الزيارة قد تكون محاولة أمريكية لاستكشاف إمكانية التوصل إلى هدنة مؤقتة في أوكرانيا، أو على الأقل منع التصعيد إلى مستوى قد يهدد بمواجهة مباشرة بين روسيا وحلف الناتو.
من الناحية البروتوكولية، لم تصدر الخارجية الروسية أي بيان رسمي حول الزيارة، بينما اكتفت الخارجية الأمريكية بتأكيد وقوع “اجتماعات روتينية” دون إعطاء تفاصيل. هذا الغموض المتعمد يزيد من التكهنات حول طبيعة المباحثات، خاصة وأن وايتكوف معروف في الأوساط الدبلوماسية بأنه أحد الخبراء الأمريكيين القلائل الذين يحظون بثقة الجانب الروسي إلى حد ما.
على الصعيد الداخلي الأمريكي، أثارت أنباء الزيارة ردود فعل متباينة. فبينما أشاد بعض أعضاء الكونجرس من الحزب الديمقراطي بأي جهد دبلوماسي قد يخفف من حدة التوتر، هاجمها الجمهوريون ووصفوها بـ”الاستسلام غير المباشر” للضغوط الروسية. من جهتها، نفت إدارة البيت الأبيض أي تغيير في سياستها تجاه موسكو، مؤكدة أن الزيارة تأتي في إطار “الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة لمنع سوء الفهم والتصعيد غير المقصود”.
في الجانب الروسي، بدا الموقف أكثر تحفظاً، حيث اكتفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بالقول إن “روسيا دائماً منفتحة على الحوار”، دون التعليق على تفاصيل اللقاءات. مصادر مقربة من وزارة الخارجية الروسية أشارت إلى أن المباحثات كانت “صريحة وصعبة”، وأن الجانب الروسي أكد مرة أخرى على خطوطه الحمراء فيما يتعلق بالأمن القومي الروسي.
الخبراء الاستراتيجيون يختلفون في تقييمهم لأهمية هذه الزيارة. فبينما يرى بعضهم أنها قد تمثل بداية لتحول خفي في السياسة الأمريكية تجاه روسيا، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يعتبر آخرون أنها مجرد خطوة تكتيكية لاستكشاف المواقف دون أي نية حقيقية لتغيير الاستراتيجية العامة.