أنقرة – (رياليست عربي): لطالما كانت المؤلفات والدراسات تتحدث عن علاقة تنظيم الإخوان المسلمين (المحظور في روسيا) بعواصم غربية، بدأت الحكاية من ميونيخ الألمانية، حيث كانت عاصمة التنظيم التي أفرزت قادة راديكاليين تم نشرهم في بقاع العالم، ثم كانت لندن العاصمة الأكثر التصاقاً بهذا التنظيم، لا سيما من قبل أصحاب نظرية المؤامرة، وأخيراً تتصدر تركيا واجهة البلدان التي تربطها علاقة قوية بالإخوان، بسبب وجود حزب العدالة والتنمية الحاكم والذي هو بدوره أحد أقوى أحزاب التنظيم العالمي.
في هذا السياق كشفت مصادر مصرية مطلعة عن معلومات جديدة حول الصراع المحتدم داخل جماعة الإخوان بين جبهتي لندن وإسطنبول، في ضوء المحاولات المستمرّة من جانب كلّ منهما لتصفية الكتل التنظيمية لصالح معسكره.
وحسب المصادر أفرزت انتخابات داخلية جديدة أجرتها مجموعة إسطنبول في النصف الأخير من يناير/ كانون الثاني الماضي، فوز مجموعات تنظيمية تابعة إلى محمود حسين بروابط تنظيمية تتبع الإخوان في تركيا؛ أبرزها إدارة الجالية المصرية وإسقاط المجموعة التابعة إلى إبراهيم منير.
وفيما يُسمّى بانتخابات مجلس إدارة الرابطة المصرية في تركيا، والتي يسيطر عليها قيادات الإخوان بشكل شبه كامل، فاز القيادي الإخواني عادل راشد المحسوب على جبهة محمود حسين والشاغل لمنصب عضو اتّحاد العلماء المسلمين برئاستها، فضلاً عن اختيار عددٍ من القيادات الإخوانية الأخرى لعضويتها؛ أبرزهم سيف عبد الفتاح مستشار الرئيس المصري السابق محمد مرسي، ومحمد الغزلاني أحد المتهمين في قضية مذبحة كرداسة بمصر والمدرج على قوائم الإرهاب الأميركية.
واحتدم الصراع داخل جماعة الإخوان على مدار الأشهر الماضية بين جبهتيه المتناحرتين، بينما وصلت حدة التراشق الإعلامي بينهما ذروتها، في ضوء اتهامات متبادلة بين طرفيه بالفساد المالي والأخلاقي.
ووفق مراقبين، يُعزّز الصراع الراهن مسارات النهاية لجماعة الإخوان التي بلغت حالة غير مسبوقةٍ من الانهيار والتفسّخ التنظيمي والانشقاقات على مستوى القيادة والقواعد أيضًا.
وحول مآلات الصراع، يرى البعض أن محمود حسين يبدو وقد حسم الصراع، لكن في الوقت ذاته تظلّ تحت أيدي منير مجموعة لا يستهان بها من القواعد التنظيمية والروابط الإخوانية، خاصّة أنه نجح في حشد قيادات تاريخية بارزة لصالح معسكره، مؤكّداً أن الصراع سيظل مستمراً لفترة طويلة ولا يتوقّع أن يتنازل أي طرفٍ عن مطالبه، خاصّةً أن القيادات التاريخية انحازت لإحدى الجبهتين، وهذا يعني أن حل الأزمة بات أمراً مستحيلاً.
فيما تقول أوساط مطلعة إن حالة التشظي والانهيار التنظيمي ستظل قائمة ومحتدمة داخل التنظيم، في ضوء استمرار الصراع الراهن والذي كشف الكثير من الادعاءات التي روجت لها الجماعة على مدار 90 عاماً وأقنعت قواعدها التنظيمية بصدقها.
مما سبق يتوقع بعض المراقبين أن يتزايد الشقاق والخلاف داخل البيت الإخواني المصري، إذ يعتقد من لديهم علاقة ببريطانيا أن تجربة التنظيم في مصر مع تركيا لم تكن نهايتها سعيدة، فقد عادت أنقرة لمحاولة نسج علاقات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي لاحق قيادات الإخوان، فيما يتمسك المرتبطون بأنقرة بوجهة نظر تقوم على تسوية قد تلعب تركيا دوراً فيها لاحقاً.