موسكو – (رياليست عربي): أشار دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، إلى أن الدول الأوروبية تشارك بشكل غير مباشر في الصراع الدائر في أوكرانيا من خلال مواصلة توريد الأسلحة.
منذ بداية الصراع الأوكراني في عام 2014، ثم تصاعده في فبراير 2022 مع بداية العملية العسكرية الروسية، تحولت أوكرانيا إلى ساحة مواجهة بين روسيا من جهة والغرب بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.
ووفقًا لتقارير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، شهدت أوروبا زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري، حيث ارتفع بنسبة 13% في عام 2023، مع تخصيص جزء كبير من هذا الميزانية لدعم أوكرانيا عسكريًا.
وتشير التقديرات إلى أن إجمالي المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا تجاوز 100 مليار دولار، مما يجعل هذا الصراع أحد أكثر النزاعات تكلفة من حيث الدعم العسكري في التاريخ الحديث.
يؤكد بيسكوف أن استمرار توريد الأسلحة الأوروبية والأمريكية إلى أوكرانيا يساهم في إطالة أمد الحرب ويزيد من الخسائر البشرية والمادية.
كما تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عدد الضحايا المدنيين منذ فبراير 2022 تجاوز 30 ألف شخص، بينما نزح أكثر من 10 ملايين أوكراني داخليًا أو لجأوا إلى دول أخرى، بالإضافة إلى ذلك، أدى الدعم العسكري الغربي إلى تغيير ديناميكيات الصراع، حيث تمكنت أوكرانيا من استعادة بعض المناطق في هجمات مضادة، لكن دون تحقيق نصر حاسم.
وفي المقابل، عززت روسيا تعاونها العسكري مع دول مثل إيران وكوريا الشمالية لتعويض النقص في الإمدادات بسبب العقوبات الغربية.
على الجانب الاقتصادي، يفرض الدعم العسكري لأوكرانيا عبئًا كبيرًا على الميزانيات الأوروبية، وفقًا لتحليلات صندوق النقد الدولي، أدت الأزمة إلى ارتفاع معدلات التضخم في أوروبا، خاصة مع ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب تعطل سلاسل التوريد. كما أن الاستمرار في ضخ الأموال في المجهود الحربي يحد من القدرة على تمويل برامج التنمية المحلية في الدول الأوروبية، مما يزيد من الضغوط السياسية على الحكومات.
على الصعيد السياسي، تسببت الأزمة الأوكرانية في انقسامات داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تختلف مواقف الدول الأعضاء حول مدى استمرار الدعم العسكري، فبينما تصر دول مثل بولندا ودول البلطيق على ضرورة زيادة التمويل العسكري لأوكرانيا، تعبر دول أخرى مثل المجر وسلوفاكيا عن قلقها من استمرار الصراع وتأثيره على استقرار المنطقة، هذه الانقسامات قد تؤثر على التماسك الأوروبي في حال استمرار الحرب لفترة أطول دون تحقيق نتائج حاسمة.
في ظل استمرار تدفق الأسلحة إلى أوكرانيا، تبدو احتمالات الحل الدبلوماسي ضعيفة، حيث يزداد التصعيد بين روسيا والغرب، تحذر مراكز بحثية مثل مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي من أن استمرار النزاع قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف الناتو، وهو سيناريو تنذر عواقبه بكارثة إقليمية وعالمية، ومع ذلك، فإن كلا الطرفين قد يضطران في النهاية إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، خاصة مع تزايد التكاليف الاقتصادية والبشرية للصراع.
بالتالي، تؤكد تصريحات المتحدث باسم الكرملين على تعقيد المشهد الجيوسياسي الحالي، حيث أصبحت أوكرانيا نقطة اشتباك رئيسية بين القوى الكبرى، بينما يرى الغرب أن دعم أوكرانيا عسكريًا ضرورة أخلاقية واستراتيجية، تعتبر روسيا ذلك تدخلاً غير مقبول في شؤونها الأمنية. وفي خضم هذا الاستقطاب، يبقى المدنيون الأوكرانيون هم الضحايا الرئيسيون لهذه الحرب التي لا تبدو نهايتها قريبة في ظل استمرار توريد الأسلحة وتصاعد المواجهات.