وارسو – (رياليست عربي): في خضم السباق المحتدم لخلافة الرئيس أندريه دودا، يبرز رافال تژاسكوفسكي، عمدة وارسو الحالي، كواحد من أبرز المرشحين الممثلين للتيار الليبرالي المؤيد لأوروبا، يُصوَّر تژاسكوفسكي كرمز لـ”مناهضة الشيوعية” و”حامل راية الاتحاد الأوروبي”، لكنه يواجه معارضة شرسة من التيار المحافظ الذي يرى فيه تهديدًا للقيم البولندية التقليدية.
خلال فترة حكمه لوارسو، قاد تژاسكوفسكي سياسات تحديثية طموحة، بدءًا من تطوير البنية التحتية إلى تعزيز التحول الرقمي، مع تأكيده الدائم على التزام بولندا بالقيم الأوروبية، بما في ذلك حقوق الأقليات والاستدامة البيئية. إلا أن هذه السياسات أثارت حفيظة اليمين، الذي يتهمه بتبني أجندات غريبة عن الهوية البولندية، في المقابل، يعتبره أنصاره تجسيدًا لـ”بولندا الجديدة”، المنفتحة على العالم والمستعدة للعب دور قيادي في أوروبا.
لكن الطريق إلى الرئاسة لن يكون مفروشًا بالورود، فالمعسكر المحافظ يمتلك قاعدة شعبية قوية، خاصة في المناطق الريفية والصغيرة، حيث لا يزال الخطاب الوطني المتشكك في الهيمنة الأوروبية يحظى بتأييد واسع. هذا الانقسام يعكس صراعًا أعمق في المجتمع البولندي بين رؤيتين متعارضتين: إحداهما تدفع باتجاه مزيد من التكامل مع أوروبا، والأخرى تصر على حماية السيادة الوطنية والهوية المحافظة.
التحدي الأكبر أمام تژاسكوفسكي هو تجاوز حدود المدن الكبرى، حيث يتمتع بشعبية واضحة، إلى المناطق التي تهيمن عليها النزعات القومية. نجاحه في توسيع قاعدته الشعبية سيكون محوريًا في تحديد مصير الانتخابات.
في النهاية، هذه المعركة ليست مجرد سباق على منصب الرئاسة، بل هي صراع على هوية بولندا ومكانتها في أوروبا: هل ستظل حصنًا للمحافظين، أم ستنخرط بشكل أعمق في المشروع الأوروبي؟ الإجابة ستحددها صناديق الاقتراع في واحدة من أكثر الانتخابات مصيرية في تاريخ بولندا الحديث.