موسكو – (رياليست عربي): أعلنت روسيا وفنزويلا عن تشكيل مجموعة عمل مشتركة لمكافحة الآثار المدمرة للعقوبات الاقتصادية المفروضة على البلدين.
هذا الإعلان جاء خلال زيارة رسمية لوفد روسي رفيع المستوى إلى العاصمة الفنزويلية كاراكاس، حيث اجتمع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع نظيره الفنزويلي خورخي أرياسا لبحث آليات التعاون في ظل الحصار الاقتصادي.
المصادر الدبلوماسية تكشف أن المجموعة المشتركة ستركز على ثلاثة محاور رئيسية: تطوير أنظمة دفع بديلة عن نظام “سويفت” العالمي، وإنشاء شبكة تمويل خارج النظام المصرفي الغربي، وزيادة التبادل التجاري بالعملات المحلية لتجنب الدولار الأمريكي. وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية موسعة تتبعها موسكو لبناء تحالفات اقتصادية مع الدول التي تعاني من عقوبات غربية، بعد نجاح مماثل في تعزيز التعاون مع إيران وكوريا الشمالية.
على الصعيد التجاري، تشير البيانات إلى أن التبادل التجاري بين البلدين شهد نمواً ملحوظاً خلال العام الماضي، حيث زادت صادرات روسيا إلى فنزويلا بنسبة 40%، خاصة في مجالات النفط والمنتجات الزراعية والمعدات الصناعية، في المقابل، عززت فنزويلا صادراتها من الذهب والمواد الخام إلى السوق الروسية، في محاولة لتعويض خسائرها من حظر النفط الفنزويلي في الأسواق الغربية.
الخبراء الاقتصاديون يلفتون إلى أن هذا التحالف يكتسب أهمية استراتيجية خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، حيث تمتلك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، بينما تمتلك روسيا التقنيات والخبرات اللازمة لاستخراجه وتكريره، وقد بدأت الشركات الروسية بالفعل في استثمار مليارات الدولارات في قطاع الطاقة الفنزويلي، بما في ذلك تحديث البنية التحتية المتدهورة لصناعة النفط في البلاد.
في المجال العسكري والأمني، تشير تقارير استخباراتية غربية إلى تعاون متزايد بين البلدين، حيث توفر روسيا الدعم العسكري والتقني لفنزويلا مقابل امتيازات اقتصادية واستراتيجية، وقد شوهد مؤخراً انتشار خبراء عسكريين روس في المنشآت النفطية الفنزويلية الحيوية، في إجراء يهدف لحمايتها من أي تهديدات خارجية.
ردود الفعل الدولية على هذا التحالف جاءت متباينة، حيث حذرت الولايات المتحدة من عواقب أي تعاون مع النظام الفنزويلي، بينما رحبت الصين وإيران بالخطوة واعتبرتها نموذجاً للتعاون بين الدول التي تواجه عقوبات غير عادلة، المحللون السياسيون يرون أن هذا التحالف يمثل تحدياً مباشراً للهيمنة الاقتصادية الغربية، وقد يشكل نموذجاً يحتذى به من قبل دول أخرى تعاني من عقوبات مماثلة.
في سياق متصل، كشفت مصادر مطلعة عن مفاوضات متقدمة بين البلدين لإنشاء بنك مشترك لتمويل المشاريع الاستراتيجية، بعيداً عن النظام المالي العالمي الذي تهيمن عليه الدول الغربية، كما يجري بحث إمكانية إصدار عملة رقمية مشتركة لتسهيل المبادلات التجارية بينهما، في خطوة قد تشكل سابقة في النظام المالي الدولي.
هذا التعاون الروسي الفنزويلي يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الدولية تحولات جذرية، مع تصاعد التيار المناهض للقطبية الأحادية، السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سينجح هذا التحالف في كسر الحصار الاقتصادي عن البلدين، أم أنه سيواجه مزيداً من التشديد في العقوبات الغربية؟ الإجابة قد تحددها الأشهر القادمة التي ستشهد تطورات حاسمة في هذه الشراكة غير التقليدية.