موسكو – (رياليست عربي): في خطوة تهدف إلى الحفاظ على استقرار قطاع الطاقة الروسي، وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تمديد الإذن للشركات الأجنبية بدفع فواتير الغاز الطبيعي الروسي عبر أي بنك خارج روسيا حتى 31 ديسمبر 2025، هذا القرار يأتي في إطار سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها موسكو لضمان استمرار تدفق الإيرادات من صادرات الطاقة، رغم الحزمة الشاملة من العقوبات الغربية التي تستهدف القطاع المالي الروسي بشكل خاص.
وكانت روسيا قد فرضت في ربيع عام 2022 شرطاً إلزامياً بدفع ثمن الغاز بالروبلات الروسية حصراً عبر بنك “غازبروم بنك”، وذلك كرد فعل على تجميد جزء كبير من احتياطياتها الأجنبية من قبل الدول الغربية. لكن مع استمرار الضغوط الاقتصادية وتصاعد التحديات الجيوسياسية، اضطرت موسكو إلى تبني سياسة أكثر مرونة، حيث وسعت خيارات الدفع لتجنب أي تعطيل محتمل لعقود توريد الغاز الحيوية.
تشير البيانات الصادرة عن وزارة الطاقة الروسية إلى أن صادرات الغاز تمثل ما يقارب 40% من إجمالي عائدات التصدير الروسي، مما يجعل هذا القطاع حجر الزاوية في الاقتصاد الوطني. ورغم العقوبات المفروضة، تواصل العديد من دول الاتحاد الأوروبي استيراد كميات كبيرة من الغاز الروسي، وإن كان ذلك يتم عبر قنوات غير مباشرة ووسطاء في دول ثالثة.
في هذا السياق، يلاحظ المحللون الاقتصاديون أن روسيا تبذل جهوداً حثيثة لتعزيز التعامل بالعملات المحلية مع شركائها التجاريين الرئيسيين، لاسيما الصين والهند ودول الشرق الأوسط. وقد نجحت هذه الاستراتيجية إلى حد كبير في تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي في المعاملات التجارية الدولية.
من الناحية العملية، فإن تمديد قرار السماح بالدفع عبر أي بنك يمثل حلقة جديدة في سلسلة الإجراءات الروسية الرامية إلى حماية اقتصادها من تبعات العقوبات. كما يعكس هذا القرار إدراك الكرملين لأهمية الحفاظ على سمعة روسيا كشريك موثوق في مجال إمدادات الطاقة، حتى في خضم الظروف السياسية الصعبة.
من جهة أخرى، تشير تقارير صادرة عن مراكز أبحاث الطاقة إلى أن روسيا استطاعت خلال العامين الماضيين تطوير شبكة بديلة للمدفوعات الدولية، تعتمد بشكل أساسي على نظم المقايضة والتبادل التجاري، إضافة إلى زيادة استخدام العملات المحلية للدول الشريكة. وقد ساعد ذلك في تعويض جزء كبير من الخسائر الناجمة عن الإقصاء الجزئي للنظام المالي الروسي من شبكة SWIFT الدولية.
ويبقى قرار تمديد فترة السماح بالدفع عبر أي بنك حتى نهاية 2025 مؤشراً على استمرار روسيا في سياستها الرامية إلى حماية مصالحها الاقتصادية في قطاع الطاقة، مع الحفاظ على مرونة كافية للتكيف مع المتغيرات الجيوسياسية المستمرة، كما يعكس هذا القرار إصرار الكرملين على المضي قدماً في بناء نظام مالي بديل أقل اعتماداً على الآليات الغربية التقليدية.