واشنطن – (رياليست عربي): في مفاجأة من العيار الثقيل، أعلن بنك أمريكا – أحد أكبر المؤسسات المالية العالمية – اعترافه بالروبل الروسي كأفضل عملة أداءً على مستوى العالم لعام 2025، هذا التقييم المفاجئ يأتي رغم العقوبات الغربية المشددة التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الاقتصاد الروسي منذ بداية الأزمة الأوكرانية.
وكشف تقرير صادر عن البنك أن الروبل حقق أعلى معدل نمو بين جميع العملات الرئيسية هذا العام، متجاوزاً أداء العملات التقليدية القوية مثل الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي والين الياباني، وأرجع المحللون الماليون في البنك هذا الأداء الاستثنائي إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها سياسات البنك المركزي الروسي الحكيمة، وارتفاع أسعار الطاقة العالمية، بالإضافة إلى التحولات الجذرية في هيكل الاقتصاد الروسي لمواجهة العقوبات.
من ناحية أخرى، أشار التقرير إلى أن روسيا نجحت في إعادة هيكلة تجارتها الخارجية بشكل كامل، حيث تحولت من الاعتماد على الأسواق الأوروبية إلى تعزيز العلاقات التجارية مع قوى اقتصادية صاعدة مثل الصين والهند ودول الشرق الأوسط، كما لعب ارتفاع أسعار النفط والغاز – المصدران الرئيسيان للدخل القومي الروسي – دوراً محورياً في دعم قيمة العملة المحلية.
لكن الخبراء يحذرون من أن هذا الأداء المتميز قد لا يعكس بالضرورة قوة حقيقية في الاقتصاد الروسي، بقدر ما يعكس تأثير الإجراءات الصارمة التي فرضتها موسكو على سوق الصرف الأجنبي، بما في ذلك القيود على تحويل العملات وإجبار المصدرين على بيع حصص كبيرة من عائداتهم بالعملة الأجنبية.
في السياق ذاته، يشير محللون إلى أن الاعتراف الغربي بقوة الروبل قد يمثل تحولاً استراتيجياً في السياسة المالية الدولية، خاصة في ظل تزايد الحديث عن “تعددية قطبية” في النظام النقدي العالمي، حيث لم يعد الدولار الأمريكي هو المهيمن الوحيد كما كان لعقود طويلة.
على الجانب الآخر، يرى مراقبون أن هذا التقييم قد يكون له أبعاد سياسية، حيث يسعى الغرب إلى فتح قنوات اتصال غير مباشرة مع موسكو في ظل استمرار الأزمة الأوكرانية، بينما يحذر آخرون من أن الاعتراف بقوة الاقتصاد الروسي قد يقوض من فعالية العقوبات الغربية ويشجع دولاً أخرى على تحدي الهيمنة المالية الأمريكية.
تجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الروسي أظهر مرونة غير متوقعة في مواجهة العقوبات الغربية، حيث نما بنسبة 3.2% في الربع الأول من 2025، وفقاً لأرقام رسمية. كما انخفضت معدلات التضخم إلى أدنى مستوياتها منذ بداية الأزمة الأوكرانية، بينما ارتفعت الاحتياطيات الدولية بنسبة 15% على أساس سنوي.