الدوحة – (رياليست عربي). كشف مسؤول فلسطيني رفيع مشارك في مفاوضات القاهرة أن حركة حماس أبلغت الوسطاء بأنها مستعدة لوقف جميع العمليات الهجومية ضد إسرائيل لمدة تتراوح بين 7 و10 سنوات، ووضع أسلحتها تحت إشراف دولي، بشرط واحد: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة.
المسؤول، الذي تحدث لـ ميدل إيست آي طالباً عدم الكشف عن هويته، قال إن الاقتراح طُرح الأسبوع الماضي أمام الوفود المصرية والقطرية والتركية، ويمثل “خطوة جوهرية” تهدف لدفع المرحلة التالية من عملية الهدنة.
وأضاف: “حماس تقدم ضماناً بألا تُطلق أي رصاصة من غزة نحو إسرائيل، وستقوم بذلك عبر دفن الأسلحة تحت إشراف خارجي”. ويقوم الاقتراح على إقامة هدنة طويلة الأمد (هدنة شرعية) بضمانات دولية تتولى مراقبة إخفاء السلاح والالتزام بشروط الاتفاق.
العرض يقتصر على قطاع غزة ولا يشمل وجود حماس أو نشاطها السياسي في الضفة الغربية، حيث تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها رغم الهدنة القائمة منذ أكتوبر.
ضغوط إقليمية ودبلوماسية
المسؤول أوضح أن التحول في موقف الحركة مرتبط أيضاً بتطورات إقليمية، ولا سيما إصرار مصر على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، بما يسمح بعودة النازحين إلى شمال ووسط القطاع. إسرائيل تواصل منع معظمهم من العودة.
وقال إن الحركة “وجدت تقدماً في الجهود الوسيطة واتخذت خطوات إيجابية عدة”، وإنها تسعى إلى “مقاربات براغماتية للوصول إلى نقاط مشتركة”.
هدنة هشة وانتهاكات متواصلة
في منتدى الدوحة السبت، شدد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على أن ما جرى حتى الآن “مجرد توقف مؤقت”، وأن استقرار الهدنة مشروط بانسحاب إسرائيلي كامل وإعادة فتح رفح.
رغم وقف إطلاق النار المعلن في أكتوبر، تقول السلطات الفلسطينية إن إسرائيل ارتكبت أكثر من 600 انتهاك، أسفرت عن مقتل أكثر من 360 شخصاً وإصابة نحو 900. كما أفرجت إسرائيل عن آلاف المعتقلين بموجب الاتفاق لكنها ما زالت تحتجز قيادات من عدة فصائل، وسط تقارير حقوقية عن ظروف احتجاز “قريبة من التجويع”.
المسؤول أقرّ بأن الاتفاق “غير مُرضٍ”، قائلاً: “لكن الأولوية كانت وقف الحرب. ترامب قدّم ضماناً بإنهائها، ولذلك قبلت حماس”. ومع ذلك، أشار إلى أن القوات الإسرائيلية ما زالت متمركزة على ما يسمى “الخط الأصفر”، ما يعني سيطرتها فعلياً على 53% من مساحة غزة.
غموض يلف قوة الاستقرار الدولية
الاقتراح الأميركي بنشر قوة استقرار دولية في غزة لا يزال غير واضح المعالم — رغم قول واشنطن إنها تتوقع وصول قوات “على الأرض” بداية العام المقبل، وموافقة إندونيسيا على المشاركة.
“لا دولة مستعدة لإرسال قوات قبل معرفة مناطق الانتشار وطبيعة المهمة”، قال المسؤول، مضيفاً أن الوسطاء قدموا أفكاراً عامة “لكن لا شيء ملموساً”.
الثقة بواشنطن… وحسابات القوة
وعن سبب اعتماد حماس على قدرة ترامب للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال المسؤول إن الأيام الأخيرة شهدت “تبادلاً غير معتاد” بين واشنطن وتل أبيب، مشيراً إلى توصية مبعوث ترامب ستيف ويتكوف بمنح عفو لأكثر من 150 مقاتلاً في رفح — وهي فكرة ناقشها ترامب مع نتنياهو.
“نحن نعتمد على أنفسنا”
ورداً على سؤال حول ما إذا كان الفلسطينيون يشعرون بأن الدول العربية والإسلامية خذلتهم، قال المسؤول إن الفلسطينيين “لا ينتظرون معجزات”:
“بعد الله، يعتمد الشعب الفلسطيني على نفسه. لن نستسلم ولن نتخلى عن حقوقنا. نعم، الطريق صعب، وليس سهلاً إجبار إسرائيل على التراجع. لكن في النهاية سنحقق أهدافنا”.
الوساطة مستمرة، والهدنة — كما يقول المسؤول — لا تزال في “مرحلة شديدة الحساسية”، فيما يبقى الانسحاب الإسرائيلي الكامل العقبة الأكبر أمام أي تقدم سياسي.






