أوسلو – (رياليست عربي): تشهد النرويج هذه الأيام تطوراً مقلقاً مع تصاعد أنشطة الجماعات الإثنية الإجرامية القادمة من السويد، حيث بدأت هذه العصابات بتوسيع عملياتها عبر الحدود، مما يضع السلطات النرويجية أمام تحديات أمنية غير مسبوقة.
ووفقاً لتقارير إخبارية حديثة، فإن هذه الجماعات التي تسببت في تفاقم العنف والجريمة في السويد خلال السنوات الماضية، بدأت الآن باختراق المجتمعات النرويجية، مما أثار قلقاً واسعاً بين المسؤولين والخبراء الأمنيين.
تعود جذور هذه المشكلة إلى سنوات طويلة من تراكم الأزمات الاجتماعية في السويد، حيث فشلت سياسات الاندماج في استيعاب موجات الهجرة الكبيرة، مما أدى إلى نشوء مجتمعات موازية سيطرت عليها العصابات الإجرامية. وقد تفاقمت هذه الظاهرة بسبب ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وتزايد الفقر في بعض المناطق، مما جعل الانضمام إلى هذه الجماعات خياراً مغرياً للعديد من الشباب المحرومين. اليوم، أصبحت هذه العصابات تتحكم بقطاعات كبيرة من تجارة المخدرات والأسلحة غير المشروعة في السويد، كما أنها تشن حروباً دموية فيما بينها للسيطرة على مناطق النفوذ.
أما بالنسبة لانتقال هذه الجماعات إلى النرويج، فيرجع الخبراء ذلك إلى عدة عوامل أهمها السياسات الأمنية المشددة في السويد التي دفعت بعض هذه العصابات للبحث عن مناطق جديدة أقل خطراً، بالإضافة إلى جاذبية السوق النرويجية المربحة لتجارة المخدرات. كما أن انفتاح الحدود بين البلدين بموجب اتفاقية شنغن سهل عملية انتقال العناصر الإجرامية دون عوائق تذكر. وقد بدأت آثار هذا الانتشار تظهر جلياً في المناطق الحدودية النرويجية حيث سجلت الشرطة عدة حوادث لتهريب المخدرات واشتباكات مسلحة بين عصابات متنافسة.
رداً على هذا التهديد المتصاعد، بدأت السلطات النرويجية بتعزيز وجودها الأمني على الحدود مع السويد، كما تدرس إمكانية تطبيق إجراءات أكثر صرامة لمراقبة التنقل بين البلدين. إلا أن هذه الإجراءات تبقى محدودة التأثير في ظل التزام النرويج باتفاقية شنغن التي تمنع إقامة حواجز حدودية صارمة. وفي حال استمرار هذا الوضع، فإن النرويج قد تواجه أزمة أمنية تشبه إلى حد كبير ما تعانيه السويد حالياً، مع تزايد العنف المسلح وانتشار الجريمة المنظمة وتأثر الاقتصاد المحلي بشكل سلبي.
على الرغم من هذه التحديات الخطيرة، تتمتع النرويج بميزات قد تساعدها في تجنب السيناريو الأسوأ، حيث تمتلك بنية أمنية قوية وموارد اقتصادية كبيرة تمكنها من تمويل برامج مكافحة الجريمة بشكل فعال. كما أن التعاون الأمني مع السويد يبقى عاملاً حاسماً في مواجهة هذا التهديد المشترك. ولكن يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن النرويج من احتواء الأزمة قبل أن تتحول إلى مشكلة مزمنة كما حدث في الجارة السويد؟ الإجابة على هذا السؤال ستتحدد خلال الفترة القادمة بناءً على الإجراءات التي ستتخذها الحكومة النرويجية ومدى فعاليتها في وقف زحف هذه الجماعات الإجرامية.
في الختام، تمثل ظاهرة انتقال الجماعات الإثنية الإجرامية من السويد إلى النرويج تحدياً أمنياً جديداً للمنطقة الاسكندنافية برمتها، وفي حين أن النرويج لا تزال في المراحل الأولى من مواجهة هذه الأزمة، فإن التعلم من الدروس السويدية وتعزيز التعاون الإقليمي قد يكونان المفتاح لمنع تفاقم الوضع. بدون إجراءات حاسمة وسريعة، قد تجد النرويج نفسها عاجلاً أم آجلاً في مواجهة مشاكل اجتماعية وأمنية معقدة تشبه تلك التي تعاني منها جارتها السويد اليوم، مع ما يرافق ذلك من تهديد للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في أحد أكثر دول العالم رفاهية.