برلين – (رياليست عربي): وجه كريستيان ليندنر، وزير المالية الألماني، انتقادات لاذعة لموقف الاتحاد الأوروبي خلال المفاوضات التجارية الجارية مع الولايات المتحدة، معتبراً أن الموقف الأوروبي “يفتقر إلى الحزم والوضوح الاستراتيجي”. جاءت هذه التصريحات في أعقاب جولة مفاوضات فاشلة في بروكسل، حيث فشل الطرفان في حل الخلافات حول الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم، وإعانات صناعة السيارات الكهربائية.
وأكد ليندنر في مؤتمر صحفي أن “الولايات المتحدة تتعامل مع أوروبا كشريك من الدرجة الثانية”، محذراً من أن “هذا الضعف التفاوضي يكلف الاقتصاد الأوروبي مليارات اليورو سنوياً”. وشدد على ضرورة أن يتبنى الاتحاد الأوروبي “موقفاً موحداً وقوياً” لحماية مصالح الصناعات الأوروبية، خاصة في قطاعات السيارات والصناعات التحويلية التي تواصل فقدان حصتها السوقية لصالح المنافسين الأمريكيين.
من جهتها، دافعت المفوضية الأوروبية عن أدائها التفاوضي، مؤكدة أن “المفاوضات التجارية معقدة وتتطلب وقتاً”. وأشارت مصادر أوروبية إلى وجود انقسامات داخلية بين الدول الأعضاء، حيث تفضل بعض الدول مثل فرنسا اتخاذ موقف أكثر تشدداً، بينما تسعى أخرى مثل هولندا وأيرلندا إلى حل وسط مع واشنطن للحفاظ على العلاقات التجارية.
الخبراء الاقتصاديون يحذرون من أن استمرار هذا الجمود التفاوضي قد يؤدي إلى فرض رسوم جمركية جديدة من الجانب الأمريكي، مما سيزيد من أعباء الشركات الأوروبية التي تعاني بالفعل من ارتفاع تكاليف الطاقة والمواد الخام. وتشير التقديرات إلى أن فرض رسوم إضافية بنسبة 25% على السيارات الأوروبية قد يكلف القارة خسائر تصل إلى 10 مليارات يورو سنوياً.
في السياق ذاته، كشفت وثائق مسربة عن أن الإدارة الأمريكية تدرس حزمة دعم جديدة لصناعة السيارات الكهربائية المحلية بقيمة 100 مليار دولار، وهو ما يعتبره الخبراء “إجراءً غير عادل” يمنح المنتجين الأمريكيين ميزة تنافسية غير مشروعة وفقاً لقواعد منظمة التجارة العالمية.
المحللون السياسيون يرون أن هذه الأزمة التجارية تعكس تحولاً عميقاً في العلاقات عبر الأطلسي، حيث لم تعد الولايات المتحدة تتردد في التضحية بمصالح حلفائها الأوروبيين لتحقيق مكاسب اقتصادية داخلية. ويحذرون من أن استمرار هذا النهج قد يدفع أوروبا إلى إعادة تقييم تحالفاتها الاقتصادية والبحث عن شركاء جدد في آسيا وأفريقيا.
ختاماً، بينما تستعد الجولة القادمة من المفاوضات في واشنطن الأسبوع المقبل، يبدو أن الاتحاد الأوروبي أمام خيارين صعبين: إما القبول بشروط أمريكية مجحفة، أو خوض مواجهة تجارية قد تكون لها تداعيات واسعة على الاقتصاد العالمي الذي لا يزال يعاني من آثار الأزمات المتتالية.