دمشق – (رياليست عربي): في حديث وكتابات سابقة تحدثنا أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لزعزعة استقرار المنطقة عبر ضرب الموقع الأكثر استقراراً وهو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتحدثنا عن وضعها الجيوسياسي بكونها تقع في الشرق حيث تمثل الظهر الذي يحمي التحالف الصيني – الروسي، وعن وضعها الديموغرافي كمنطقة إسلامية مستقرة مذهبياً وفكرياً وسبق وتحدثنا عن التحالف ذي العنوان الإسلامي السياسي “السني” بزعامة إسرائيل ومن ثم خرج إلى العلن بوصفه حلف ناتو جديد .
ولكن ما حصل مؤخراً هو الإفصاح الأمريكي عبر تصريحات هنري كيسنجر
فبعد إعلان كسينجر المفصل لتوجه الحرب ومراحلها والاستعداد لحرب عالمية ثالثة وفق توقعاته بأنها يجب أن تبدأ بضرب إيران لقصم ظهر الصين وروسيا والتي تسبقها حرب باردة بين الصين والولايات المتحدة وضمان وجود سبع دول عربية ضمن التحالف لضرب إيران ومن ثم في غفلة من روسيا والصين أو عملية إشغالهما يجب أن تتم الضربة على إيران لضمان انتصار الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل .
كل ذلك يجعلنا نستعيد ما قلناه ونقوله عن دور سورية الكبير وسر العداء الأمريكي لها ولشخص الرئيس الذي لم يلتحق بذاك الركب العربي المتنازل عن قراره لصالح إرادة التحالف الشرير بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، وهنا تكمن المواجهة ولحظات المصير الاستراتيجية، فالتنبؤات الكيسنجرية تتطابق تماماً مع قراءة المشروع العالمي الجديد لطرد الصين من عالم الاقتصاد الدولي، وشعرة معاوية بوجود ما كان يسمى الأسرة الدولية والتي كان يقبلها حتى من يعرفون حقيقتها والهيمنة الغربية على قرارها، قد انقطعت تماماً، وصار العالم أمام استحقاق حتمي للمواجهة فإما أن يستمر الدولار مهيمناً بقوة البلطجة العسكرية أو ينتهي بولادة نظام مالي موازي، وهذا ليس محض تفاوض سلمي بل هي حالة إعلان ضمنية للحرب العالمية الثالثة ومن هنا نجد بريطانيا التي خلعت عن كاهلها الاهتراء الأوروبي تعد العدة عبر تصدر مشهد المعاداة لروسيا ونجد اليابان تسعى للخروج من التزامها الذي خضعت له ما بعد الحرب العالمية الثانية في المسألة العسكرية ومثلها المانيا وأخيراً حتى سويسرا تخرج من الحياد مما يعني التحضير لمحددات عالمية جديدة تفرضها حرب كبرى وبالمقابل تحضر روسيا والصين الطرق البحرية عبر تجاوز قناة السويس ومراجعة التموضع في القرم، وضمان المواقع المتقدمة في الجزائر لقطع التحالف العربي – الإسرائيلي – الأمريكي في المتوسط طالما المغرب سيكون في المركب الأمريكي الإسرائيلي ومثله دول مجلس التعاون الخليجي والأردن.
وبالنسبة لسلطنة عُمان قد تبقى في موقف متأرجح بسبب تشاركها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في خطوط التماس البحرية عند مضيق هرمز وبالمقابل ستحضر الولايات المتحدة في الصومال، وإسرائيل في السودان وإثيوبيا، وتبقى العقدة العراقية حيث الاحتلال الأمريكي تقابله حالة شعبية رافضة، وكل ذلك يجعل مشهد الحرب التمزيقي شبه جاهز، وتبقى قصة المكان المقترح من كيسنجر والزمان غير المحدد لحد اللحظة وهنا نراجع خريطة التحالفات ونجد أن ضرب المخطط الاميركي تحدده إزاحة الجغرافيا حكماً والازاحة باتجاه يبدل كلياً الحسابات الأمريكية – الإسرائيلية فهل يكون إلا لبنان أو سورية ؟!
لبنان غير قابل لتلك الحسابات سياسياً لأنه سيجلب التدخل الأمريكي والغربي وربما أبعد من ذلك لوجود فصائل محابية من جهة وعدم تبلور الحالة السيادية بنموذجه الطائفي المرتبط ، وهنا تكون سورية هي المكان المناسب حيث بوجود قيادتها بعد أن فشلوا في إسقاط الدولة رغم المحاولات حتى اللحظة والتي تستطيع بقرارها المستقل إعلان تلك الحرب القادمة حتماً ولكن من الحدود مع إسرائيل وبعدها تتصاعد المحاور وتتبلور وحدة المحور بكل القوى الجاهزة للمعركة مع إسرائيل، وأما الزمان فالمهم فيه أن يسبق بخطوة أو أكثر تنفيذ الضربة على إيران، التي تعد لها الولايات المتحدة الأمريكية العدة وبذلك يكون نقل المعركة إلى سورية تحطيماً للمخطط الأمريكي برمته ومنع تحطيم القوى العظمى القادرة على تحمل ومواجهة تلك الحرب أي الصين وروسيا والسماح لقوات ذلك التحالف السوري الإيراني الروسي الصيني وقوى المقاومة اللبنانية والداخل الفلسطيني بمقاومته الشعبية والمسلحة أن تتحد في تلك المواجهة وربما تنضم دول أخرى بقتال المواجهة العالمية وتتضمن تلك الحرب إشعال جبهة في لبنان وفي الداخل الفلسطيني، وهذه ليست دعوة حرب ولكن تصدي وخطة عسكرية استباقية لحرب حتماً قادمة .
وسينجم عنها تصاعد حتمي للشعور القومي العربي وموقف مجابهة شعبي عربي واحتمالية ليست مستبعدة لفتح الجبهة الكورية بوجود الحليف القوي عسكرياً في جمهورية كورية الديمقراطية الشعبية.
وربما تكون حصيلة بداية المواجهة وليس خواتيمها تقسيم للمملكة العربية السعودية نتيجة رفض شعبي عارم لمواقف قيادةالمملكة السياسية وتفجر الحالة في مصر التي يرفض شعبها التطبيع حتى اليوم.
بالتالي نحن نتحدث عن مواجهة غير محدودة للأسف سيكون المسبب الرئيسي لها السلوك الذي انتهجته وتنتهجه أنظمة عربية تظن نفسها ضامنة لاستقرارها وبقائها بالخضوع للولايات المتحدة الأمريكية بينما هي تسعى لحتفها.
خاص وكالة رياليست – ميس الكريدي – كاتبة وإعلامية – عضو اللجنة المصغرة عن المجتمع المدني – سوريا.
