شنت السلطات الدينية المسيحية في لبنان هجوما لاذعا على السياسيين لفشلهم في علاج الانهيار الاقتصادي الذي دفع العديد من الناس إلى الفقر وذلك في ضغط آخر على زعماء البلد الذي تتفاقم أزمته، واتهم البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أكبر رجل دين مسيحي في البلاد السياسيين بالتفكير فقط في مصالحهم الخاصة وحث الرئيس على التحرك، وقال: “يبدو أن هؤلاء السياسيين يريدون بذلك إخفاء مسؤوليتهم عن إفراغ خزينة الدولة، وعدم إجراء أي إصلاح في الهيكليات والقطاعات”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
يوماً بعد يوماً، تسوء الأحوال على كافة الصعد في لبنان، وأبرزها الوضع المعيشي والإقتصادي السيء جداً، في واقع لم يحدث منذ أحداث الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 – 1990، فبعد مظاهرات غاضبة ومنددة جراء الوضع المعيشي المتردي، وإحتكار البنوك لودائع الناس، ربطاً مع ارتفاع سعر الصرف، وهبوط حاد بالليرة اللبنانية، وصل الأمر إلى إنتحار أحد اللبنانيين في إحدى ضواحي العاصمة بيروت.
إذ أن التركيبة الطائفية في لبنان تحول دون إنقاذه بالوقت الراهن، نظراً للولاءات الخارجية، فهناك من يضغط على الشعب اللبناني بطلب أمريكي، وهناك من يريد التوجه شرقاً من خلال الإنفتاح على الصين وإيران، ويصطدمون بحواجز الولاءات والإرتهانات الخارجية، ومن يدفع الثمن وحده فقط الشعب اللبناني، فلم يتوصل ساسة هذا البلد إلى إتفاق مع صندوق النقد الدولي، والمفاوضات معه حالياً معلقة، ما يعني أن لا بوادر إنفراجات مرتقبة تلوح في الأفق.
وبالنظر إلى تداعيات قانون قيصر السوري على لبنان، فهذا القانون إنفرض جراء حرب كونية على سوريا، قد ينتهي بإنتهاءها أو على الأقل هناك إنفتاح سوري مع عدة دول منها روسيا والصين وإيران ويشكلون متنفساً مقبولاً بالنظر إلى الأوضاع الراهنة، لكن لابد أن يعي لبنان أن سوريا متنفس إقتصادي له، وعليه التنسيق معها، لإيجاد بدائل تخفف من معاناة الشعب اللبناني الذي يبدو أن لديه قانون قيصر خاص به وهو بين الطبقة الحاكمة والشعب.
إن خروج البطريرك الراعي عن صمته يؤكد أن الأوضاع لم تعد مقبولة وهو المعروف عنه بإلتزامه بالقضايا المحقة وبوقوفه على مسافة واحدة من الجميع، إذ أن هذا التصريح هو كي يلتزم الجميع بدوره الممنوح له لخدمة الشعب، فإن كانت الدولة عاجزة، ولا تستطيع أن تلزم المصارف بإعطاء حقوق الناس فعلى الدنيا السلام، إن نصف الأزمة في لبنان هي خارجية، والنصف الآخر هو داخلي صرف، فإن لم يتم معالجة هذا الأمر إن هذا البلد مقبل على كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
أخيراً، إن الولايات المتحدة الأمريكية وعصا العقوبات تضغط بها على كل الدول، وهذا الضغط كارثي سيؤدي إلى إنفجار وشيك، ما يعني أن آخر الحلول هي مواجهة عسكرية لكسر هذه الهيمنة، وهذا ما لا تريده واشنطن لكنها إن علمت أو لا ستوصل الأمور إلى هذه الخاتمة، التي لن ينقذ لبنان غيرها.
فريق عمل “رياليست”.
